للحديث المتقدم:«لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت»، ولأنه إذا أقام بعده، خرج عن أن يكون وداعاً في العادة، فلم يجزه، كما لو طافه قبل حل النفر.
فأما إن قضى حاجة في طريقه، أو اشترى زاداً أو شيئاً لنفسه في طريقه، لم يعد؛ لأن ذلك ليس بإقامة تخرج طوافه عن أن يكون آخر عهده بالبيت.
مكانه: حول البيت، لا يجوز إلا به، لقوله صلّى الله عليه وسلم:«من حج هذا البيت، فليكن آخر عهده به الطواف» والطواف بالبيت: هو الطواف حوله، فإن نفر ولم يطف، يجب عليه أن يرجع ويطوف ما لم يجاوز الميقات عند الحنفية، ومن دون مسافة القصر عند الشافعية والحنابلة؛ لأنه ترك طوافاً واجباً، وأمكنه أن يأتي به من غير حاجة إلى تجديد الإحرام. وإن جاوز الميقات عند الحنفية أو مسافة القصر عند الشافعية والحنابلة، لا يجب عليه الرجوع، والأولى ألا يرجع، ويريق دماً مكان الطواف؛ لأن هذا أنفع للفقراء وأيسر عليه، لما فيه من دفع مشقة السفر، وضرر التزام الإحرام بعمرة، لأنه إذا رجع أحرم بعمرة، فطاف طواف العمرة، وسعى، ثم يطوف الوداع، ولا شيء عليه عند الحنفية، والحنابلة في الأصح، لتأخيره عن مكانه.
ولا يسقط عنه الدم على الصحيح عند الشافعية والقاضي أبي يعلى الحنبلي. إن عاد بعد مسافة القصر؛ لأنه قد استقرعليه الدم بالسفر الطويل، أي بلوغه مسافة القصر.
[صلاة ركعتين، والوقوف في الملتزم والحطيم والدعاء وشرب ماء زمزم وتقبيل الحجر بعد طواف الوداع]
إذا فرغ المودع من طوافه سبعاً ومن جميع أموره، صلى ركعتين كما فعل النبي صلّى الله عليه وسلم، ويستحب أن يقف المودع في الملتزم (وهو ما بين الركن ـ الحجر الأسود ـ