وغيره، العقد حينئذ صحيح والشرط لاغ؛ لأن في هذا الشرط حرمان العاقد من الاستفادة مما يثبته العقد له من حقوق.
٢) الشرط المنهي عنه أو المخالف لحكم الله ورسوله، كاجتماع صفقتين في عقد واحد، مثل اشتراط البائع على المشتري إيجار الدار لفلان، أو أن يهبه شيئاً، أو يبيع له شيئاً أو يقرضه مبلغاً من المال، أو ألا يبيع الناتج الزراعي كالقطن وغيره إلا له واشتراط الزوجة أن يطلق امرأته الأولى. هذه شروط فاسدة تفسد العقد؛ لأن رسول الله صلّى الله عليه وسلم «نهى عن بيعتين في بيعة» أو «عن صفقتين في صفقة»(١) ولأن ذلك يؤدي غالباً إلى النزاع بين المتعاقدين في العقد الآخر المشروط، فيسري النزاع إلى العقد الأصلي.
رأي المتأخرين من الحنابلة: أفاض ابن تيمية وابن القيم في بيان نظريتهما في أن الأصل في العقود والشروط الإباحة أو الجواز والصحة حتى يقوم الدليل على المنع؛ لأنها من العادات التي تراعى فيها مصالح الناس. فإن حرمنا ما يجري بين الناس من عقود وشروط، بغير دليل من الشارع، نكون قد حرمنا ما لم يحرمه الله.
والله تعالى أمرنا بالوفاء بالعقود في قوله:{يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}[المائدة:١/ ٥]، وطالبنا النبي عليه السلام بتنفيذ الشروط في قوله المتقدم:«والمسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحل حراماً، أو حرم حلالاً». وقررت الشريعة أن الأصل في العقود رضا المتعاقدين، وأثرها: هو ما أوجباه على نفسيهما بالتعاقد، وذلك في قوله تعالى:{إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم}[النساء:٢٩/ ٤] فالتراضي هو المبيح للتجارة، وقوله تعالى: {فإن طبن لكم عن
(١) اللفظ الأول رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه عن أبي هريرة. واللفظ الثاني رواه أحمد عن ابن مسعود (نيل الأوطار: ١٥٢/ ٥).