للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحنفية: لا يجوز النقل بعد الدفن مطلقاً، وأما نقل يعقوب ويوسف عليهما السلام من مصر إلى الشام ليكونا مع آبائهما الكرام، فهو شرع من قبلنا، ولم يتوافر فيه شروط كونه شرعاً لنا، وعليه: لا يجوز كسر عظامه ولا تحويلها ولو كان الميت ذمياً، ولا ينبش وإن طال الزمان.

وفي الجملة: تلتقي هذه الأقوال في ضرورة احترام الميت، وتحرص على إبقائه في مكانه، فهو الأصل، ويجوز النقل عند الجمهور لضرورة أو مصلحة أو غرض صحيح، ولا يجوز عند الحنفية مطلقاً.

٤ - قال الشافعية (١): لا بأس بتطييب القبر، وقالوا أيضاً مع الحنابلة والحنفية: ويندب أن يرش القبر بماء، ويسن وضع الجريد الأخضر والريحان ونحوه من الشيء الرطب على القبر حفظاً لترابه من الاندراس، ولا يجوز للغير أخذه من على القبر قبل يبسه؛ لأن صاحبه لم يعرض عنه إلا عند يبسه، لزوال نفعه الذي كان فيه وقت رطوبته، وهو الاستغفار.

ودليلهم على رش الماء: «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم رش على قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه حصباء (٢)».

وكذلك قال الحنفية (٣): يكره قطع النبات الرطب والحشيش من المقبرة، دون اليابس؛ لأنه مادام رطباً يسبح الله تعالى، فيؤنس الميت، وتنزل بذكره الرحمة. ويندب وضع الجريد والآس ونحوهما على القبور. والدليل: ما ورد في الحديث الصحيح من وضعه عليه الصلاة والسلام الجريدة الخضراء، بعد شقها نصفين على


(١) مغني المحتاج:٣٦٤/ ١، المغني:٥٠٤/ ٢، الدر المختار:٨٣٨/ ١، كشاف القناع:١٩١/ ٢.
(٢) رواه الشافعي (نيل الأوطار:٨٤/ ٤).
(٣) رد المحتار:٨٤٦/ ١، مراقي الفلاح: ص١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>