وقال جماعة من العلماء: حديث الأعمال بالنيات ثلث الإسلام، قا ل أبو داود: نظرت في الحديث المسند، فإذا هو أربعة آلاف حديث، ثم نظرت، فإذا مدار أربعة آلاف حديث على أربعة أحاديث: حديث النعمان بن بشير: «الحلال بيِّن والحرام بيِّن» وحديث عمر هذا، وحديث أبي هريرة:«إن الله طيِّب لا يقبل إلا طيباً» وحديث «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» قال: فكل حديث من هذه الأربعة ربع العلم (١).
لهذا كله يكون بحث النية من أوليات الدين. وأصول العلم الضرورية لكل إنسان، لأن في البحث تذكيراً وبياناً وضبطاً، ووضع الضوابط للنية ييسر على العبَّاد والنسَّاك معرفة الطريق الأصح الأسلم لعبادتهم وقرباتهم، ويوضح لكل إنسان طريق التمييز بين الحلال والحرام وما يوجب الثواب والعقاب، ويبيِّن له ما يجب عليه معرفته من الحد الأدنى في طلب العلم، إذ لا تصح عبادة بدون نية، ويتأثر الحكم على كل تصرف من عقد أو فسخ بنوع النية، فهو إما جائز صحيح بالنية المشروعة، وإما فاسد باطل بالنية الخبيثة أو السيئة، وإما مُرتِّب للأثر أو عدمه بحسب النية وجوداً وفقداناً، ف هل العبرة في العقود والتصرفات للمقاصد والمعاني أو للألفاظ والمباني؟ وهل الباعث السيء يفسد العقد أو لا؟ وهذا يؤدي لبيان مبدأ الذرائع سداً وفتحاً.
وأتناول في بحثي هذا عن النية الأمور التالية:
١ - حقيقة النية أو تعريف النية.
٢ - حكم النية (الوجوب)، وأدلة إيجابها، والقواعد الشرعية المتعلقة بها.