للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصولية (١): يجب أن يهتدي إلى الحق والصواب فيها، لأن الحق فيها واحد، لايتعدد، والمصيب فيها واحد بعينه، وإلا اجتمع النقيضان. فمن أصاب الحق فقد أصاب، ومن أخطأ فهو آثم، ونوع الإثم يختلف: فإن كان الخطأ فيما يرجع إلى الإيمان بالله ورسوله فالمخطئ كافر، وإلا فهو مبتدع فاسق، لأنه عدل عن الحق، وضل، كالقول بعدم رؤية الله تعالى، وخلق القرآن (٢).

ويلحق بذلك المسائل القطعية المعلومة من الدين بالضرورة (أي البداهة)، كوجوب الصلوات الخمس والزكاة والحج وصوم رمضان وتحريم الزنا والقتل والسرقة وشرب الخمر ونحوها مما علم قطعاً من دين الله، فليس كل مجتهد فيها مصيباً، بل الحق فيها واحد لايتعدد، وهو المعلوم لنا، فالموافق له مصيب، والمخالف له مخطئ آثم.

أما المسائل الفقهية الظنية أي الأحكام التي ليس فيها دليل قاطع، فهي محل الاجتهاد، ولا إثم على المجتهد فيها، لكن اختلف الأصوليون فيها، هل كل مجتهد فيها مصيب أو أن المصيب واحد؟.

ومنشأ الخلاف في هذا: هل لله تعالى في كل مسألة حكم معين في الأمر نفسه قبل اجتهاد المجتهد، أو ليس له حكم معين، وإنما الحكم فيها هو ماوصل إليه المجتهد باجتهاده؟.


(١) المسائل الأصولية: مثل كون الإجماع والقياس وخبر الواحد حجة، لأن أدلتها قطعية، فيعتبر المخالف فيها آثماً مخطئاً.
(٢) المستصفى: ١٠٥/ ٢، الإحكام للآمدي: ١٤٦/ ٣، شرح المحلي على جمع الجوامع: ٣١٨/ ٢، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب: ٢٩٣/ ٢، مسلم الثبوت: ٣٢٨/ ٢، كشف الأسرار: ١١٣٧/ ٤، التلويح: ١١٨/ ٢، الملل والنحل: ٢٠١/ ١، إرشاد الفحول: ص٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>