للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أموالهم: فيحبسها عنهم الإمام إلى أن يزول بغيهم، فإذا زال ردها إليهم؛ لأن أموالهم لا

تحتمل التملك بالاستيلاء لكونهم مسلمين (١).

[٢) ـ ضمان ما أتلفوه من الأنفس والأموال]

قال الحنفية والمالكية والحنابلة، والشافعية في أظهر القولين عندهم: لايضمن البغاة المتأولون ما أتلفوه حال القتال من نفس ولا مال، بدليل ماروى الزهري، فقال: «كانت الفتنة العظمى بين الناس، وفيهم البدريون، فأجمعوا ـ أي في وقائعهم كوقعة الجمل وصفِّين ـ على ألا يقام حد على رجل استحل فرجاً حراماً بتأويل القرآن، ولا يقتل رجل سفك دماً حراماً بتأويل القرآن، ولا يغرم مال أتلفه بتأويل القرآن» (٢)؛ ولأن البغاة طائفة ممتنعة بالحرب بتأويل سائغ، فلم تضمن ما أتلفت على الأخرى كأهل العدل، ولأن تضمينهم يفضي إلى تنفيرهم عن الرجوع إلى الطاعة، فلا يشرع كتضمين أهل الحرب.

واتفق العلماء أيضاً على أنه لا إثم ولا كفارة على أهل العدل بقتلهم أهل البغي، ولا يضمنون ما أتلفوه عليهم، لخبر الزهري السابق، ولأن العادل قد فعل ما أمر به، وقتل من أحل الله قتله، وأمر بمقاتلته. وكذلك الأموال مهدرة كالأنفس، لأنهم إذا لم يضمنوا الأنفس، فالأموال أولى (٣).

وإذا أتلف البغاة أو العادلون مال بعضهم بعضاً، قبل تمكن المنعة للبغاة، أو


(١) المبسوط: ١٢٤/ ١٠وما بعدها، البدائع: ١٤٠/ ٧ ومابعدها، فتح القدير: ٤٠٩/ ٤ وما بعدها، تبيين الحقائق: ٢٩٥/ ٣، الكتاب مع اللباب: ١٥٥/ ٤.
(٢) ذكره أحمد في رواية الأثرم واحتج به (راجع نيل الأوطار: ١٦٩/ ٧).
(٣) المبسوط: ١٢٨/ ١٠، البدائع: ١٤١/ ٧، فتح القدير: ٤١٤/ ٤، بداية المجتهد: ٤٤٨/ ٢، حاشية الدسوقي: ٣٠٠/ ٤، القوانين الفقهية: ص ٣٦٤، المهذب: ٢٢٠/ ٢، مغني المحتاج: ١٢٥/ ٤، المغني: ١١٣/ ٨،كشاف القناع:١٢٨/ ٤، شرح مسلم للنووي: ١٧٠/ ٧، غاية المنتهى: ٣٥١/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>