للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمان المتلفات، إلا أنه رفع العقاب عنهما لعدم الإدراك. أما فعل الدابة، فليس جريمة، ولا يجب الضمان على ما تتلفه؛ لأن العجماء جبار والشرط أن يكون الاعتداء جريمة.

والخلاصة: أن أبا حنيفة لا يرى وجوداً لحالة الدفاع في صيال الصبي والمجنون والحيوان، وإنما يحق الدفاع على أساس الضرورة، أي فيجب الضمان أو التعويض. وأما أبو يوسف فيرى وجود حالة الدفاع إذا صال الصبي أو المجنون، كما هو رأي غير الحنفية. أما إذا صال الحيوان فيدفع على أساس الضرورة، فتجب قيمته بإتلافه.

وأما جمهور الفقهاء فيرون توافر حالة الدفاع في كل الحالات المذكورة؛ لأن من واجب الإنسان أن يدافع عن النفس والمال عند كل اعتداء، وإن فعل الاعتداء بذاته لا يحل دم الصائل، ولكنه يوجب أو يجيز منع الاعتداء، على الخلاف السابق بينهم على رأيين، فالمطالبة بمنع الاعتداء هو الذي أحل دم الصائل، وليس الاعتداء ذاته، فلايشترط إذن أن يكون الاعتداء ذاته جريمة معاقباً عليها.

ورأي الحنابلة (١): أن من دفع صائلاً عن نفسه أو عن ولده ونسائه ومحارمه كأخته وعمته بالقتل لم يضمنه، ولو دفعه عن غيره بالقتل ضمنه.

حكم العاض: وأما من عض يد إنسان، فانتزعها منه، فسقطت أسنانه، فلاضمان عليه، أي لا يسأل مدنياً بدفع الدية عند غير المالكية، بدليل حديث عمران بن حصين «أن رجلاً عض يد رجل، فنزع يده من فيه، فوقعت ثنيتاه (٢)، فاختصموا إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: يَعضُّ أحدكم يد أخيه، كما يعض الفَحْل (٣)، لا


(١) كشاف القناع: ١٤٣/ ٤.
(٢) الثنية: واحدة الثنايا أي أسنان مقدم الفم، ثنتان من فوق، وثنتان من أسفل.
(٣) الفحل: الذكر من كل حيوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>