السكنى عليها، فإذا حلف ساكن الدار لايسكنها، فمتى أقام فيها بعد يمينه زمناً يمكنه فيه الخروج، حنث. وإن أقام لنقل متاعه لم يحنث؛ لأن الانتقال لايكون إلا بالأهل والمال، فيحتاج أن ينقل ذلك معه، حتى يكون منتقلاً. وإن أكره على المقام لم يحنث، لحديث العفو عن الاستكراه.
وإن كان الرجل ساكناً في الدار فحلف لا يسكنها: فإنه لا يبر في يمينه ما لم ينتقل بنفسه وأهله وولده ومتاعه وخادمه ومن يقوم بشأنه في منزله، لأن السكنى في الدار بهذه الأشياء، فكان ترك السكنى فيها بضدها، فإذا لم يأخذ في النقلة من ساعته مع الإمكان: يحنث في يمينه. وهنا ثلاثة افتراضات:
أحدها ـ إذا انتقل بأهله ومتاعه في الحال: لم يحنث عند أئمة الحنفية الثلاثة، ولا يؤثر وجود السكنى القليلة، لأنه لا يمكن الاحتراز عنه، فكان مستثنى دلالة. وقال زفر: يحنث لوجود شرط الحنث وهو السكنى.
الثاني ـ لو انتقل بنفسه، ولم ينتقل بأهله ومتاعه: يحنث عند أئمة الحنفية والحنابلة؛ لأن السكنى في المكان ـ كما تقدم ـ هي الكون في الشيء على وجه الاستقرار، ولا يكون هذا إلا بما يسكن به عادة، فإذا حلف لا يسكنها وهو فيها، فالبر في إزالة ما كان به ساكناً، فإذا لم يفعل حنث، ولأن من حلف لا يسكن هذه الدار فخرج بنفسه، وأهله ومتاعه فيها يسمى في العرف والعادة ساكن الدار. هذا بخلاف ما إذا حلف لا يسكن في بلد فخرج منه وترك أهله فيه: لم يحنث؛ لأن العادة لا يقال لمن بدمشق وأهله بحلب: إنه ساكن بحلب.
وقال الإمام الشافعي (١): لا يحنث، ويكفي أن يخرج ببدنه بنية التحول، لأن اليمين على سكناه، وقد ترك السكنى، فلم يحنث بترك أهله ومتاعه، كما لو