للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكل السرقات؛ لأن الجرائم التي هي من جنس واحد يكتفى فيها بحد واحد، كما في الزنا، إذ المقصود من إقامة الحد هو الزجر والردع، وهو يحصل بإقامة حد واحد.

وإذا ثبت الحد عندالسلطان، لم يجز العفو عنه، ولا تجوز الشفاعة فيه؛ لأن الحد لله، فلا يجوز فيه العفو والشفاعة، ولما روت عائشة رضي الله عنها قالت: «أتي لرسول الله صلّى الله عليه وسلم بسارق قد سرق، فأمر به فقطع، فقيل: يا رسول الله، ما كنا نراك تبلغ به هذا، قال: لو كانت فاطمة بنت محمد، لأقمت عليها الحد» (١). وقال الزبير: «إذا بلغ ـ أي الحد ـ السلطان فلعن الله الشافع والمشفع» (٢).

[المبحث الثاني ـ شروط السرقة الموجبة للحد]

يشترط لإقامة حد السرقة شروط، بعضها في السارق، وبعضها في المسروق، وبعضها في المسروق منه، وبعضها في المسروق فيه، وهو المكان.

شروط السارق: يشترط في السارق توافر أهلية وجوب القطع: وهي العقل والبلوغ والاختيار والعلم بالتحريم، فلا يقطع الصبي والمجنون، لقوله عليه السلام: «رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ». ولأن القطع عقوبة، فيستدعي جناية، وفعل الصبي والمجنون لا يوصف بأنه جناية. ولا يحد المكرَه لرفع القلم عنه، ولا يحد من أخذ شيئاً جاهلاً بتحريمه لقرب عهده بالإسلام.

وإذا اشترك الصبي أو المجنون مع جماعة في سرقة، فلا قطع على الجميع عند أبي حنيفة وزفر رحمهما الله تعالى.


(١) متفق عليه بين أحمد والشيخين (نيل الأوطار: ١٣٥/ ٧ وما بعدها).
(٢) رواه مالك في الموطأ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن (نيل الأوطار، المرجع السابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>