ومن هنا تتحدد سلطات الخليفة أو الحاكم في الإسلام بالأسس الآتية (١):
أولاً ـ يخضع الخليفة للتشريع الإسلامي، ويطالب بتنفيذ أحكامه، وإصدار القوانين التنظيمية طبقاً لمبادئه وقواعده، وليس له أية حصانة في هذا الشأن من دون بقية المسلمين. قال أبو بكر وتبعه من بعده من الراشدين في أول خطبة سياسية له بعد تولي الخلافة:«أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإن عصيت الله فلا طاعة لي عليكم ... ».
ثانياً ـ ليس للحاكم التشريع؛ لأن التشريع في الإسلام كما بان سابقاً لله ورسوله. ودور الخليفة مع أولي الحل والعقد هو مجرد الاجتهاد في نطاق القرآن والسنة. فلا يستمد المجتهدون سلطتهم من الخليفة، وإنما من مؤهلاتهم الذاتية. وفي هذا أكبر ضمان لشرعية الدولة؛ إذ المسلَّم به أن النظم الاستبدادية تقوم على أساس أن إرادة الدولة هي القانون.
ثالثاً ـ يلتزم الحاكم وأعوانه بقواعد نظام الحكم الإسلامي ومبادئه العامة التي حددها القرآن والسنة، ولم يفصل في شأنها مراعاة لظروف ومقتضيات التطور، وضماناً لقدسية المبدأ بحيث لا يقبل التغير وهذه القواعد هي:
[١ - الشورى]
إن نظام الحكم الإسلامي نظام شوري، لقوله تعالى:{وشاورهم في الأمر}[آل عمران:١٥٩/ ٣]{وأمرهم شورى بينهم}[الشورى:٣٨/ ٤٢] وورد في السنة النبوية القولية والعملية ما يوجب المشاورة، مثل: «استعينوا على
(١) راجع السلطات الثلاث للطماوي: ص ٢٨١ وما بعدها، النظريات السياسية للريس: ص٢٨٠ وما بعدها، بحث الدولة الإسلامية للموسوعة الفقهية للمؤلف والآتي بيانه.