للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتمال الفسخ لا يتأتى في الصلح عن القصاص، لأنه مما لا يحتمل الفسخ، فلا حاجة إلى القول بعدم جواز التصرف في بدل الصلح قبل القبض.

سادساً ـ إن الوكيل بالصلح يلتزم ببدل الصلح دون المدعى عليه إذا كان الصلح في معنى المعاوضة، كما إذا تم الصلح على جنس آخر خلاف جنس حق المدعي، لأنه يكون حينئذ جارياً مجرى البيع، وحقوق البيع ترجع إلى الوكيل.

وإن كان الصلح في معنى استيفاء عين الحق، كمن له على آخر ألف ليرة، فصالحه على خمس مئة، فيلتزم الوكيل ببدل الصلح إن ضمنه، وإن لم يضمنه لم يلزمه؛ لأنه يكون حينئذ سفيراً بمنزلة الرسول، فلا ترجع إليه حقوق العقد. أما إن ضمنه لزمه بحكم الكفالة لا بحكم العقد. وقد سبق أن أشرت إليه.

والخلاصة: أن الصلح كما قال الشافعية إذا كان عن إقرار وجرى على عين غير المدعاة، فهو بيع بلفظ الصلح تثبت فيه أحكامه، كالشفعة، والرد بالعيب، ومنع التصرف قبل القبض، واشتراط التقابض إن اتفق المصالح عنه والمصالح عليه في علة الربا (١).

[المبحث الرابع ـ مبطلات عقد الصلح وحكمه بعد البطلان]

مبطلات الصلح: يبطل الصلح بأشياء هي ما يأتي (٢):

١ - الإقالة في غير حالة الصلح على القصاص: فلو أقال أحد المتصالحين الآخر انفسخ الصلح؛ لأن فيه معنى معاوضة المال بالمال، فكان محتملاً للفسخ كالبيع ونحوه. أما القصاص: فالصلح فيه إسقاط محض لحق ولي الدم في استيفاء القصاص من القاتل؛ لأنه عفو عن القاتل، فلايحتمل الفسخ كالطلاق ونحوه.


(١) مغني المحتاج: ١٧٧/ ٢، المهذب: ٣٣٣/ ١.
(٢) البدائع: ٥٤/ ٦ ومابعدها، تبيين الحقائق للزيلعي: ٣٢/ ٥، ٣٤، الدر المختار مع رد المحتار: ٤٩٤/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>