للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو شرط في المضاربة كون جميع الربح للمضارب، فالعقد قرض عند الحنفية والحنابلة، وهو مضاربة فاسدة عند الشافعية، وحينئذ يكون للعامل أجرة مثل عمله؛ لأن مقتضى المضاربة الاشتراك في الربح، فإذا شرط استئثار العامل بالربح، كان الشرط فاسداً.

ويجوز عند الحنفية أن يشترط لأحد العاقدين دراهم معدودة معلومة إن زاد الربح على مقدار كذا من الدراهم، فذلك شرط صحيح لا يؤثر في صحة المضاربة؛ لأنه لا يؤدي إلى جهالة الربح (١).

وقال المالكية: يجوز أن يشترط العامل الربح كله له (٢)، وعبارتهم: يجوز اشتراط الربح كله في القراض لرب المال أو للعامل أو لغيرهما؛ لأنه من باب التبرع، وإطلاق القراض عليه حينئذ مجاز، وليس هو بقراض حقيقة، أي أن العامل يضمن المال إذا أخذه على أن الربح كله له، لأنه حينئذ يشبه السلف.

ووجه قول الحنفية والحنابلة: أنه إذا لم يمكن تصحيح العقد مضاربة يجعل قرضاً؛ لأنه أتى بمعنى القرض، والعبرة في العقود لمعانيها (٣). ويترتب على هذا أنه إذا شرط جميع الربح لرب المال فهو مباضعة عندهم، لوجود معنى الإبضاع (٤) كما تقدم.

ثانياً ـ أن يكون الربح جزءاً مشاعاً: أي نسبة عشرية أو سهماً من الربح، كأن يتفقا على ثلث أو ربع أو نصف، وهذا مستثنى من حكم الإجارة المجهولة؛


(١) الشركات للأستاذ الخفيف: ص ٧١.
(٢) بداية المجتهد: ٣٣٥/ ٢، الخرشي: ٢٠٣/ ٦، ٢٠٩، ط ثانية، بولاق.
(٣) البدائع: المصدر السابق، مغني المحتاج: ٣١٢/ ٢، المهذب: ٣٨٥/ ١، المغني:٣٠/ ٥.
(٤) الإبضاع هنا: أي التوكيل بلا جعل أو أجر. وبعبارة أخرى: هو استعمال شخص في المال بغير عوض (البدائع: ٨٧/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>