للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسار الخلفاء الراشدون على هذه السنة الحميدة، فكانوا يجمعون رؤساء الناس، فيستشيرونهم فيما لم يجدوا فيه نصاً من القرآن والسنة.

منها مشاورة أبي بكر في حروب الردة، وفي جمع القرآن. ومشاورة عمر في قضية قسمة سواد العراق بين الغانمين، وفرض الخراج، ونحوها. وأهل الشورى: هم أهل الآراء من الناس والمتدربون فيهم، إذ لا يعقل، ولا يمكن مشاورة كل واحد من الناس (١)، ففي أمور الدين يجب أن يكون المستشار عالماً دينياً وقل ما يكون ذلك إلا في عاقل. وفي أمور الدنيا أن يكون عاقلاً مجرباً وادّاً في المستشير (٢).

نطاقها: إن الأمر المطلق بالمشاورة الموجه للحكام يشمل كل القضايا الدينية والدنيوية: السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التنظيمية، أي فيما لم يرد به نص تشريعي واضح الدلالة (٣)؛ لأن الأمر القرآني بالمشاورة غير مخصوص بأمر الدين. ولا يصح أن تكون نتيجة الشورى في الأمور الاجتهادية الدينية والدنيوية مخالفة نصوص الشريعة أو مقاصدها العامة ومبادئها التشريعية، لقوله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخِيرَة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا ً} [الأحزاب:٣٦/ ٣٣].

وهي مطلوبة سواء أكانت القضايا محل المشاورة عامة كاختيار الحاكم وإدارة الحكم، وسياسة البلاد، وتنظيم الإدارات ومحاسبة الولاة، وإعلان الحرب، أم خاصة كالنظر في أحكام المعاملات والجنايات وأحوال الأسرة ونحوها. وهذه


(١) تفسير الألوسي: ١٠٧/ ٤.
(٢) تفسير القرطبي: ٢٥٠/ ٤.
(٣) أحكام القرآن للجصاص: ٤١/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>