للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلّى الله عليه وسلم: «إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويَعْصِب على جُرْحه خِرْقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده» (١).

وأما المعقول: فهو أن الحاجة تدعو إلى المسح على الجبائر؛ لأن في نزعها حرجاً وضرراً. قال المرغيناني في الهداية: إن الحرج فيه فوق الحرج في نزع الخف، فكان أولى بشرع المسح (٢).

حكمه ـ هل المسح على الجبيرة واجب أو سنة؟ قال أبو حنيفة وصاحباه (٣) في الأصح وعليه الفتوى: المسح على الجبائر واجب؛ وليس بفرض، لكن قال أبو حنيفة: وإذا كان المسح على الجبيرة يضره سقط عنه المسح؛ لأن الغسل يسقط بالعذر، فالمسح أولى. ودليل الوجوب: أن الفرضية لاتثبته إلا بدليل مقطوع به. وحديث علي ـ المتقدم ـ من أخبار الآحاد، فلا تثبت الفرضية به. وبه يظهر أن الإمام وصاحبيه اتفقوا على الوجوب بمعنى عدم جواز الترك، لكن عنده يأثم بتركه فقط مع صحة الصلاة بدونه، ووجوب إعادتها، فهو يريد الوجوب الأدنى، وعندهما: لا تصح الصلاة بدونه فهما أرادا الوجوب الأعلى.

وقال الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) (٤): المسح على الجبائر بماء


(١) رواه أبو داود بسند ضعيف. وقال البيهقي: هذا الحديث أصح ما روي في هذا الباب، مع اختلاف في إسناده (نصب الراية:١٨٧/ ١، سبل السلام:٩٩/ ١) قال الشوكاني: (نيل الأوطار:٢٥٨/ ١): وقد تعاضدت طرق حديث جابر، فصلح للاحتجاج به على المطلوب، وقوي بحديث علي، ولكن حديث جابر قد دل على الجمع بين الغسل والمسح والتيمم.
(٢) فتح القدير:١٠٩/ ١.
(٣) البدائع:١٣/ ١ وما بعدها، رد المحتار لابن عابدين: ٢٥٧/ ١. وهذا هو التحقيق خلافاً لما ذكر في البدائع: أن المسح عند أبي حنيفة مستحب لا واجب، وعند الصاحبين: واجب.
(٤) الشرح الصغير:٢٠٢/ ١، الشرح الكبير: ١٦٣/ ١، مغني المحتاج:٩٤/ ١ وما بعدها، بجيرمي الخطيب:٢٦٢/ ١ - ٢٦٥، المغني: ٢٨٦/ ١، كشاف القناع:١٢٧/ ١ وما بعدها،١٣٥ وما بعدها، القوانين الفقهية: ص٣٩، المهذب:٣٧/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>