للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المالكية: صيغة اليمين لكل حالف في جميع الحقوق على المشهور: هي «بالله الذي لا إله إلا هو». وأما يمين الكافر: فاتفق أكثر الفقهاء (١) على أن الكافر يحلف بالله كالمسلم؛ لأن اليمين لا تنعقد بغير اسم الله، للحديث المتقدم: «من حلف بغير الله فقد أشرك» ولما رواه البخاري: «من حلف بغير ملة الإسلام فهو كما قال». وسيأتي الكلام في تغليظ اليمين عليه، فتغلظ عليه في رأي الحنابلة والشافعية.

وأما صفة اليمين أو الحلف على البت ونفي العلم (٢): فقد اتفق الفقهاء (٣) على أن الحالف يحلف على البت والقطع على فعل نفسه، سواء في حال الإثبات أم النفي، فيقول مثلاً: والله ما بعت أو ما اشتريت، أو لقد بعت أو اشتريت؛ لأن الإنسان أعلم بأحواله وأفعاله، فتكون يمينه حجة قاطعة. فالأيمان كلها على البت والقطع، إلا على نفي فعل الغير، فإنها على نفي العلم؛ لحديث ابن عباس المتقدم: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم استحلف رجلاً، فقال له: قل: والله الذي لا إله إلا هو، ماله عليك حق» وروى الأشعث بن قيس: «أن رجلاً من كِنْدة ورجلاً من حضرموت اختصما إلى النبي صلّى الله عليه وسلم في أرض من اليمن، فقال الحضرمي: يا رسول الله، إن أرضي اغتصبنيها أبو هذا، وهي في يده، قال: هل لك بيِّنة؟ قال: لا، ولكن أحلفه، والله العظيم ما يعلم أنها أرضي اغتصبنيها أبوه، فتهيأ الكندي لليمين» (٤).


(١) البدائع: ٢٢٧/ ٦ وما بعدها، تبيين الحقائق: ١٠٩/ ٤، القوانين الفقهية: ص ٣٠٦، مغني المحتاج: ٤٧٣/ ٤، المهذب: ٣٢٢/ ٢، كشاف القناع: ٢٢٨/ ٦ وما بعدها.
(٢) الحلف على البت: أي الحلف على القطع والجزم. ونفي العلم: هو نفي اليقين أنه لا يعلم كذا، فيحلف بالله ما له علي شيء.
(٣) المغني: ٢٣٠/ ٩ - ٢٣٤، المهذب: ٣٢٢/ ٢.
(٤) رواه أبو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>