للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الحنفية فقد فصلوا في رواية عن أبي حنيفة، فقالوا: اليمين على نية الحالف إذا كان مظلوماً، لأنه لا يقتطع بيمينه حقاً، فلا يأثم وإن نوى غير الظاهر من كلامه، وإن كان ظالماً فعلى نية المستحلف، لأنه يكون حينئذ آثماً إن نوى به غير ما حلف عليه. والمعول عليه عندهم هو أن اليمين على نية المستحلف إلا إذا كانت اليمين بالطلاق أو العتاق ونحوهما، فتعتبر نية الحالف إذا لم ينو خلاف الظاهر ظالماً كان الحالف أو مظلوماً، وكذلك إذا كانت اليمين بالله تعالى وكان الحالف مظلوماً، فإنه تعتبر نية الحالف أيضاً. والظالم: من يريد بيمينه إبطال حق الغير.

ووافق الحنابلة أبا حنيفة، فمن حلف فتأول في يمينه أي قصد بكلامه محتملاً يخالف ظاهره، فله تأويله إن كان مظلوماً، وإن كان ظالماً لم ينفعه تأويله.

وأما الشافعية فقالوا: العبرة في اليمين بنية الحالف؛ لأن المقصود من الأيمان هو المعنى القائم بالنفس، لا ظاهر اللفظ (١).

[٤ - اليمين بغير الله تعالى صورة ومعنى (الحلف بمخلوق)]

إذا حلف الإنسان بغير الله تعالى، كالإسلام أو بأنبياء الله تعالى أو بملائكته أو بالكعبة أو بالصلاة والصوم والحج، أو قال: (عليَّ سخط الله وعذابه) أو بالآباء أو الأمهات أو الأبناء، أو بالصحابة أو بالسماء أو بالأرض أو بالشمس أو بالقمر والنجوم ونحوها، ومثل: (لعمرك وحياتك وعيشك وحقك) فلا يكون يميناً


(١) راجع هذا المبحث في بداية المجتهد: ١ ص ٤٠٣، البدائع: ٣ ص ٢٠، الأشباه والنظائر لابن نجيم: ١ ص ٨١، مغني المحتاج: ٤ ص ٣٢١، المغني: ٨ ص ٧٢٧، ٧٦٣ ومابعدها، الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي عليه: ٢ ص ١٣٩، القوانين الفقهية: ص١٦٢، الفرائد البهية في القواعد الفقهية للشيخ محمود حمزة: ص ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>