وقال الجمهور (الشافعية والمالكية والحنابلة): إن موجب الرهن هو موجب سائر الوثائق، وهو أن تزداد به طرائق المطالبة بالوفاء، فيثبت به للمرتهن حق تعلق الدين بالعين المرهونة عيناً، والمطالبة بإيفائه من ماليتها، عن طريق بيعها واختصاصه بثمنها.
أما حق الحبس، فليس بحكم لازم لعقد الرهن عند الشافعية، فللراهن أن يسترد الرهن لينتفع به بدون استهلاكه، فإذا انتهى انتفاعه، رده إليه. بدليل الحديث «لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه» أي لا يحبس، وأضافه النبي صلّى الله عليه وسلم إلى الراهن بلام التمليك، وسماه صاحباً، فاقتضى أن يكون هو المالك للرهن رقبة وانتفاعاً وحبساً.
والحبس على الدوام يتنافى مع كون الرهن توثيقاً، فقد يهلك الرهن، فيسقط الدين أي كما قال الحنفية، فيكون توهيناً لا توثيقاً. ثم إن في الحبس تعطيلاً للانتفاع بالرهن، فهو تسييب، والتسييب ممنوع شرعاً.
والخلاصة: إن عقد الرهن يثبت حق الحبس الدائم للمرتهن على المرهون عند الجمهور. أما عند الشافعية: فيقتضي الرهن عندهم فقط تعين المرهون للبيع لوفاء الدين.
وفي تقديري أن رأي الجمهور أسلم لاتفاقه مع واقع الرهن وهو الاحتفاظ به لحمل المدين على الوفاء بالدين. لذا قرر المالكية والحنابلة كما تبين في شروط القبض ضرورة استدامة قبض المرهون في يد الدائن، حتى يؤدي الراهن ماعليه (١).