ليست العلة في الربا هي الاستغلال والظلم وإنما هذه حكمة لا يربط الحكم الشرعي بها، ولا يصح القياس عليها لعدم انضباطها واختلافها من شخص لآخر، حتى يقال بأنه إذا لم يتوافر الاستغلال والظلم، كالقروض الإنتاجية لإصلاح أرض أو إقامة مصنع أو تشييد بناء أو غير ذلك من مختلف مجالات الإنماء، كانت الفائدة أي الربا جائزة. ثم إن ربا المصارف كما تقدم يصبح بنظام الفائدة المركبة من ربا الأضعاف المضاعفة، وليس صحيحاً ما ينقل عن ابن عباس أنه كان يحرم فقط ربا الجاهلية، ولا يحرم ربا الفضل وربا النسيئة حسبما زعم السنهوري.
٢ - يزعم المبيحون أيضاً بأن لفظ «الربا» في الشريعة مجمل، عرف العرب بعضه ولم يعرفوا البعض الآخر، ويؤيدون رأيهم بقول عمر رضي الله عنه:«أن آية الربا من آخر ما نزل من القرآن، وأن النبي صلّى الله عليه وسلم قبض قبل أن يبينه لنا، فدعوا الربا الريبة». وهذا خطأ لأن الشريعة تتمثل بالقرآن والسنة الصحيحة، والقرآن حرم جنس الربا، بدليل آخر قول عمر:«فدعوا الربا والريبة» وجاءت السنة الثابتة بمجموع الأحاديث الصحيحة مبينة المراد من قوله تعالى: {وحرَّم الربا}[البقرة:٢٧٥/ ٢] واعتبر النبي صلّى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر المتأخر حدوثه (وهو سنة سبع بعد الحديبية) مبادلة الصاع الجيد من التمر بالصاعين من الرديء «عين الربا» مما يدل على وجود هذه المعاملة بين العرب، وأنها بيع في ظنهم، فكان إرشاد النبي صلّى الله عليه وسلم دالاً على أن ذلك العقد ربا حرام وليس بيعاً حلالاً، كما أن لفظ الربا الوارد في القرآن شامل لهذا النوع من المعاملة. وعلى هذا فلا يصح القول بحصر الربا بربا الجاهلية (الأضعاف المضاعفة)، وبأن غيره من أنواع الربا مشكوك في حرمته، وإن اعتبرناه حراماً فهو أقل حرمة من ربا الجاهلية، كما يقول السيد رشيد رضا.
٣ - يزعم بعض المعاصرين كالدكتور معروف الدواليبي أن الربا المحرم هو ربا القروض الاستهلاكية أي التي يقترضها ذوو الحاجة الملحة ويؤدونها أضعافاً