للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصلحي أو سبب السبب وهو الباعث الذاتي أو الدافع البعيد الذي دفع العاقد إلى العقد. والسبب بهذا المعنى ليس عنصراً موضوعياً، وإنما يختلف في النوع الواحد من الالتزامات باختلاف الأشخاص، فهو إذن عنصر شخصي، غير ثابت، بعكس السبب الفني الذي يعد عنصراً موضوعياً ثابتاً في النوع الواحد من الالتزام.

وإذا كانت وظيفة السبب الفني أو التقليدي: هي سلامة الالتزام من الناحية الفنية، فوظيفة سبب العقد أو السبب في النظرية الحديثة: هي منع صحة عقد يبتغى بوسائل مشروعة للوصول إلى نتائج غير مشروعة، فبه تتحقق مصلحة المجتمع، وهي حماية الأخلاق أو النظام العام، أي أن السبب المصلحي يتضمن فكرة الجزاء على خطأ: وهو إرادة المتعاقدين تحقيق غاية غير مشروعة.

موقف الفقهاء من نظرية السبب بالمعنى الحديث (الإرادة الظاهرة والإرادة الباطنة): في الفقه الإسلامي حول نظرية السبب هذه اتجاهان (١):

اتجاه تغلب فيه النظرة الموضوعية، واتجاه يلاحظ فيه النوايا والبواعث الذاتية.

أما الاتجاه الأول: فهو مذهب الحنفية والشافعية (٢) الذين يأخذون بالإرادة الظاهرة في العقود، لا بالإرادة الباطنة، أي أنهم حفاظاً على مبدأ استقرار المعاملات لا يأخذون بنظرية السبب أو الباعث، لأن فقههم ذو نزعة موضوعية بارزة كالفقه الجرماني، والسبب أو الباعث الذي يختلف باختلاف الأشخاص عنصر ذاتي داخلي قلق يهدد المعاملات.


(١) مصادر الحق للسنهوري: ٥١/ ٤ ومابعدها.
(٢) راجع عند الحنفية مختصر الطحاوي: ص ٢٨٠، تكملة فتح القدير: ١٢٧/ ٨، البدائع: ١٨٩/ ٤، تبيين الحقائق: ١٢٥/ ٥، وعند الشافعية: الأم: ٨٥/ ٣، المهذب: ٢٦٧/ ١، مغني المحتاج: ٣٧/ ٢ وما بعدها، الباجوري على ابن القاسم: ٣٥٣/ ١، تحفة الطلاب: ص ١٤٣، ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>