للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث ـ شروط الإحياء الذي يثبت به الملك]

يشترط في الإحياء الذي يثبت به الملك شرطان في بعض الآراء:

١ - أن يكون الإحياء عند أبي حنيفة (١) بإذن الحاكم، لحديث: «ليس للمرء إلا ما طابت به نفس إمامه» (٢)، فإذا لم يأذن لم تطب نفسه به، ولأن هذه الأراضي كانت في أيدي الكفرة، ثم صارت في أيدي المسلمين، فهي فيء، والإمام هو المختص بتوزيع الفيء، كالغنائم، ومثل إعطاء السَّلَب للقاتل في قوله عليه الصلاة والسلام: «من قتل قتيلاً فله سَلَبه» (٣) فهذا تصرف من الرسول صلّى الله عليه وسلم بطريق الإمامة والسياسة، لا بطريق الشرع والنبوة.

وقال المالكية (٤): إذا كانت الأرض قريبة من العمران، افتقر إحياؤها إلى إذن الإمام، بخلاف البعيدة من العمران، وأن يكون فيها الإذن لمسلم، فلا يأذن الإمام لذمي على المشهور في إحياء الأرض القريبة من العمران، ولا يجوز للذمي إحياء الأرض في جزيرة العرب: مكة والمدينة وما والاها.

وقال الصاحبان والشافعية والحنابلة (٥): من أحيا أرضاً مواتاً، تملكها، وإن لم يأذن له فيها الإمام، اكتفاء بإذن رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من أحيا أرضاً ميتة فهي له» الصادر بطريق الشرع والنبوة، ولأنه مال مباح كالاحتطاب والاصطياد، سبقت


(١) البدائع: ١٩٤/ ٦ ومابعدها، الهداية مع التكملة: ١٣٦/ ٨، تبيين الحقائق: ٣٥/ ٦، الدر المختار: ٣٠٧/ ٥، الخراج لأبي يوسف: ص ٦٤.
(٢) رواه الطبراني، وفيه ضعف من حديث معاذ (نصب الراية: ٤٣٠/ ٣، ٢٩٠/ ٤).
(٣) أخرجه الجماعة إلا النسائي عن أبي قتادة الأنصاري (نصب الراية: ٤٢٨/ ٣). والسلب: ما يكون مع القتيل من سلاح وآلات وثياب ونقود وخيل ونحوها.
(٤) القوانين الفقهية: ص ٣٣٩، الشرح الصغير: ٩٤/ ٤.
(٥) مغني المحتاج: ٣٦١/ ٤، تكملة فتح القدير، المكان السابق، المهذب: ٤٢٣/ ١، المحرر في الفقه الحنبلي: ٣٦٧/ ١، المغني: ٥٤٣/ ٥، كشاف القناع: ٢٠٦/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>