للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داراً، وهو في دار الحرب مكثر سواد الكفار، ومن كثَّر سواد قوم فهو منهم، على لسان رسول الله صلّى الله عليه وسلم (١).

وأما الاتصاف بصفة «الإسلام» فليس من شرائط وجوب الدية، لا بالنسبة لقاتل، ولا بالنسبة للمقتول، فتجب الدية سواء أكان القاتل أو المقتول مسلماً أم ذمياً أم حربياً مستأمناً.

وكذلك العقل والبلوغ ليس شرطاً لإيجاب الدية، فتجب الدية في مال الصبي والمجنون، لعموم قوله تعالى: {ومن قتل مؤمناً خطأ، فتحرير رقبة مؤمنة، ودية مسلَّمة إلى أهله، إلا أن يصدقوا} [النساء:٩٢/ ٤]. كما تجب الدية بقتل الذمي والمستأمن، لقوله تعالى: {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق، فدية مسلَّمة إلى أهله} [النساء:٩٢/ ٤].

هل تضمن الدية بسبب ممارسة حق التأديب؟ إذا ضرب السلطان أو الوالي متهماً، أو ضرب الأب ابنه للتأديب المشروع، أو ضرب الولي أو الوصي الصبي اليتيم، أو ضرب الزوج زوجته بسبب نشوزها، أو لتركها الصلاة مثلاً، أو أدَّب المعلم صبياً بغير إذن أبيه، فمات المؤدَّب بسبب هذا التأديب المشروع المعهود في العرف بين الناس، فهل يضمن هؤلاء فعلهم؟ للفقهاء فيه آراء:

١ - قال أبو حنيفة والشافعي (٢): إنه يجب ضمان الدية في هذه الحالات؛


(١) هذا حديث رواه أبو يعلى في مسنده من حديث عبد الله بن مسعود بلفظ: «من كثَّر سواد قوم، فهو منهم، ومن رضي عمل قوم، كان شريك من عمل به» (نصب الراية: ٣٤٦/ ٤).
(٢) المبسوط: ١٣/ ١٦، الدر المختار: ٤٠١/ ٥، درر الحكام: ٧٧/ ٢، جامع أحكام الصغار بهامش الفصولين: ٨/ ٢ - ١٠، مجمع الضمانات: ص ٥٤، ١٥٧، ١٦٦، البدائع: ٣٠٥/ ٧، المهذب: ٢٨٩/ ٢، مغني المحتاج: ١٩٩/ ٤، الأحكام السلطانية للماوردي: ص٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>