للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ويترتب على الخلاف أيضاً أن الإجارة المضافة إلى زمن مستقبل تجوز عند الحنفية والمالكية والحنابلة:

كأن يقول شخص لآخر: أجرتك هذه الدار رأس شهركذا، أو أجرتك هذه الدار سنة أولها غرة شهر رمضان، وكان العقد في رجب مثلاً؛ لأن عقد الإيجار ينعقد شيئاً فشيئاً على حسب حدوث المعقود عليه شيئاً فشيئاً، فكان العقد مضافاً إلى حين وجود المنفعة من طريق الدلالة الضمنية، وقد أجيزت الإضافة في الإجارة دون البيع

للضرورة (١). وترتب على مذهب الحنفية أن المؤجر لو باع الدار المؤجرة لا يصح في حق المستأجر، وإن لم يجئ الوقت الذي أضيف إليه عقد الإجارة.

واستدل الحنابلة على صحة هذا الحكم عندهم: بأن هذه المدة في المستقبل يجوز العقد عليها مع غيرها، فجاز العقد عليها مفردة، واشتراط القدرة على التسليم إنما يكون عند وجوب التسليم كالمسلم فيه.

وقال الشافعية: لا تصح إجارة عين لمنفعة مستقبلة كإجارة الدار السنة المستقبلة أو سنة أولها من الغد، ما لم تكن المدة متصلة بالعقد؛ لأن الإجارة بيع المنفعة، وطريق جوازها عندهم: أن تجعل منافع المدة موجودة تقديراً عقيب العقد، إذ لا بد من أن يكون محل حكم العقد موجوداً فجعلت المنافع كأنها أعيان قائمة بنفسها، وإضافة العقد إلى عين ستوجد لا تصح، كما في بيع الأعيان.

أما إجارة الذمة: فيصح تأجيل المنفعة فيها إلى أجل معلوم في المستقبل مثل: ألزمت ذمتك الحمل إلى مكة أول شهر كذا (٢).


(١) البدائع: ٤ ص ٢٠٣، تبيين الحقائق: ٥ ص ١٤٨، حاشية ابن عابدين: ٥ ص ٤، بداية المجتهد: ٢ ص ٢٢٤، المغني: ٥ ص ٤٠٠، القوانين الفقهية: ص ٢٧٦.
(٢) مغني المحتاج: ٢ ص ٣٣٨، المهذب: ١ ص ٣٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>