للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن أمثلة الحنفية (١): الوصية بطعام تجتمع له النائحات بعد موته، أو بتطيين القبر، أو ضرب قبة أو تشييد بناء عليه، أو دفنه في داره، أو المغالاة في كفنه والوصية بقراءة على القبور أو في المنازل، فكل تلك الوصايا باطلة، لعدم جواز الاستئجار على قراءة القرآن. أما ما أفتى به المتأخرون، فهو ليس جواز الاستئجار على جميع الطاعات، وإنما جواز الاستئجار على ما تقضي به الضرورة وخشية الضياع، كالاستئجار لتعليم القرآن أو الفقه أو الأذان أو الإمامة خشية التعطل لقلة رغبة الناس في الخير، ولا ضرورة في استئجار شخص يقرأ على القبر أو غيره. ولو جاز الاستئجار على كل طاعة، لجاز على الصوم والصلاة والحج، مع أنه باطل بالإجماع ـ كما قال ابن عابدين.

وكل ما ذكر لا يمنع من التطوع بقراءة القرآن على القبور، فلو زار إنسان قبر صديق أو قريب له، وقرأ عنده شيئاً من القرآن، فهو حسن، أما الوصية بالقراءة فلا معنى لها.

لكن بطلان الوصية لتطيين القبر والقراءة مبني على القول بكراهة ذلك. والمختار عندهم عدم الكراهة.

هذا حكم الوصية بنفس المعصية وهو البطلان لعدم توافر كل من الوصية للصلة أو القرابة، أما الوصية لأهل الفسوق والمعصية فهي مكروهة، لبقاء معنى الصلة في الوصية.

ووصية المسلم لبِيعة أو كنيسة باطلة؛ لأنها معصية، ولو أوصى الذمي للبيعة أو للكنيسة أن ينفق عليها في إصلاحها، أو أوصى ليذبح لعيدهم جازت الوصية


(١) الدر المختار ورد المحتار: ٤٥٨/ ٥، ٤٧١، ٤٨٨ وما بعدها، البدائع: ٣٤١/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>