وأجاز الحنابلة للجنب: قراءة بعض آية، ولو كرره، لأنه لا إعجاز فيه، ما لم تكن طويلة. كما أجازوا له مع الحنفية تهجية القرآن؛ لأنه ليس بقراءة له، وله قراءة لا تجزئ في الصلاة لإسرارها، وله أن ينظر في المصحف من غير تلاوة، وأن يقرأ عليه وهو ساكت؛ لأنه في هذه الحالة لا ينسب إلى القراءة.
وضبط المالكية ما يجوز للجنب من القراءة اليسيرة: بأنها ما الشأن أن يتعوذ به كآية الكرسي، والإخلاص والمعوذتين، أو لأجل رقيا للنفس أو للغير من ألم أو عين، أو لأجل استدلال على حكم نحو:{وأحل الله البيع وحرم الربا}[البقرة:٢٧٥/ ٢].
والمعتمد عند المالكية: أنه لا يحرم قراءة القرآن القليلة على الحائض والنفساء حال استرسال الدم عليها، سواء أكانت جنباً أم لا، إلا بعد انقطاعه وقبل غسلها، فلا تقرأ بعد انقطاعه مطلقاً حتى تغتسل. ودليلهم الاستحسان لطول مقامها حائضاً.
واتفق الفقهاء على أنه لا يحرم النظر في القرآن لجنب وحائض ونفساء؛ لأن الجنابة لا تحل العين الناظرة.
٥ ً - الاعتكاف في المسجد إجماعاً، ودخول المسجد مطلقاً ولو عبوراً أو مجتازاً، عند الحنفية والمالكية، لما أخرجه أبو داود وغيره عن عائشة، قالت:«جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وبيوت الصحابة شارعة في المسجد، فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب»(١) ولحديث أم سلمة قالت:
(١) رواه ابن ماجه أيضاً، وفي إسناده مختلف فيه، وذكره البخاري في تاريخه الكبير، وقال: ضعفوا هذا الحديث.