وقد عرفنا في بحث صيغة التعاقد ما تتحقق به الإرادة الظاهرة.
وأما الإرادة الباطنة فتتحقق بالرضا والاختيار.
والحنفية يقررون أن الرضا والاختيار شيئان متغايران. فالاختيار: هو القصد إلى النطق بالعبارة المنشئة للعقد، سواء أكان ذلك عن رضا أم لا. والرضا: هو الرغبة في أثر العقد عند التلفظ بما يدل على إنشائه. فإذا وجد الرضا وجد الاختيار، وإذا وجد الاختيار لا يلزم وجود الرضا.
وغير الحنفية: الرضا والاختيار بمعنى واحد.
لكن في الحياة العملية: قد توجد الإرادة الظاهرة وحدها، ولا توجد معها إرادة باطنة، فماحكم العقد؟
هذا ما يبحث في الفرع الأول من هذا المطلب وهو صورية العقد، ويأتي بعده بحث الفرعين الآخرين. فإذا لم توجد الإرادة الباطنة الحقيقية كان العقد صورياً. وإذا وقع الشك في وجود الإرادة الحقيقية، كان العقد معيباً بعيب من عيوب الرضا أو الإرادة.
[الفرع الأول ـ صورية العقود]
قد توجد الإرادة الظاهرة وحدها، وتنعدم الإرادة الباطنة، فيكون العقد صورياً، ويظهر ذلك في الأحوال التالية:
١ - حالة السكر والنوم والجنون وعدم التمييز والإغماء: إن العقود التي تصدر من النائم والمجنون وغير المميز ونحوهم لا أثر لها، لانعدام الإرادة الحقيقية في إنشاء العقد.