وإذا قال الحالف:(والله لأقتلن فلاناً): مع أن فلاناً هذا ميت، وهو لايعلم بموته، لاتنعقد اليمين عند أبي حنيفة ومحمد وزفر، وعند أبي يوسف: تنعقد.
ويجري هذا الخلاف فيما إذا قال شخص:(والله لأقضين دين فلان غداً) فقضاه اليوم، أو أبرأه صاحب الدين قبل مجيء الغد، لايحنث في يمينه عند الطرفين وزفر والحنابلة. وعند أبي يوسف والشافعي: يحنث.
وكذا إذا قال الزوج في اليمين بالطلاق:(إن لم أشرب هذا الماء اليوم فامرأتي طالق) ثم أهريق الماء قبل انقضاء اليوم: لايحنث عند الطرفين وزفر، وعند أبي يوسف: يحنث.
وأما أمثلة النوع الثاني: وهو المستحيل عادة فهي: لو قال شخص: (والله لأمسن السماء) أو (لأصعدن السماء) أو (لأحولن هذا الحجر ذهباً) وحكمه: أنه تنعقد اليمين عند أئمة الحنفية الثلاثة. وعند زفر: لاتنعقد.
الأدلة: استدل أبو يوسف على المستحيل حقيقة فقال: إن الحالف شرَط لحنثه عدم تحقق فعل من الأفعال: وهو القتل أو شرب الماء مثلاً، فإذا تحقق الشرط حنث، كما في المستحيل عادة.
واستدل أبو حنيفة ومحمد وزفر: بأن اليمين تنعقد بقصد البر والوفاء بما حلف عليه، والكفارة تجب لستر الذنب الذي حصل بعدم البر وهو الحنث، فإذا لم يكن البر متصور الوجود حقيقة لايتصور الحنث، فلم يكن في انعقاد اليمين فائدة، فلاتنعقد. وهذا بخلاف المستحيل عادة، فإن البر متصور الوجود في نفسه حقيقة بأن يقدر الله تعالى الحالف على صعود السماء مثلاً، كما أقدر الملائكة والأنبياء عليهم السلام، إلا أنه عاجز عن ذلك عادة، فيحنث للعجز عن تحقيق مقتضى يمينه في العادة.