للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستكره على شرب الخمر اتفاقاً؛ لأن الحد شرع زاجراً عن الجناية في المستقبل، والشرب المكره عليه ليس جناية، بل هو مباح.

ولا تنفذ تصرفات السكران المكره على الشرب عند جمهور الفقهاء؛ لأن نفاذ تصرفات السكران حالة الاختيار عند القائلين به (١) كان تغليظاً عليه وزجراً له، ولامعنى للتغليظ في حالة الإكراه؛ لأنه ليس قائم العقل، فهو كالمجنون.

وأما إذا كان الإكراه ناقصاً فيجب الحد عند الحنفية؛ لأن شرب الخمر حينئذ يعتبر حراماً، فيطبق عليه حكم الشُّرب.

وقال جمهور الفقهاء: لا يجب الحد على المستكره على شرب الخمر إكراهاً ناقصاً، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (٢).

٢ً ـ الإكراه على السرقة: إذا كان الإكراه تاماً فلا إثم على السارق المستكره، ولا حد عليه للحديث السابق: «إن الله تجاوز عن أمتي ... » ولأن الحدود تدرأ بالشبهات. وإن كان الإكراه ناقصاً، فلا يرتفع الإثم ولا الحد عند بعض الفقهاء


(١) الراجح من مذهب الشافعية رواية أحمد: هو نفاذ تصرفات السكران باختياره مطلقاً. والحنفية: يرون نفاذ تصرفات السكران مختاراً ماعدا الردة، والإقرار بما يحتمل الرجوع كحد الزنا، والمالكية: يرون نفاذ التصرفات ماعدا الإقرارات والعقود في المشهور من المذهب. والظاهرية ورواية عن أحمد: يرون عدم نفاذ التصرفات مطلقاً.
(٢) رواه الطبراني في الكبير عن ثوبان وأبي الدرداء، وأخرجه ابن ماجه وابن حبان والحاكم عن ابن عباس مرفوعاً، ورواه ابن ماجه أيضاً عن أبي ذر، ورواه أبو نعيم عن ابن عمر، بلفظ «إن الله وضع» إلا حديث أبي الدرداء وثوبان فهو بلفظ «إن الله تجاوز عن أمتي ... » وذكره ابن عدي عن أبي بكرة بلفظ «رفع الله عن هذه الأمة ثلاثاً» ورواه الطبراني في الأوسط عن عقبة بلفظ «وضع عن أمتي ... » وفيه ابن لهيعة، وفيه ضعف. فلفظ «رفع عن أمتي .. » ليس موجوداً (نصب الراية: ٦٤ - ٦٥، التلخيص الحبير: ص١٠٩، مجمع الزوائد: ٢٥٠/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>