وأما المقصود بالمذهب الاقتصادي: فهو المرحلة الثانية من مراحل التفكير الاقتصادي الذي يحاول فيه الباحث أن يتخذ موقفاً معيناً بالحكم التقييمي على نظام اقتصادي معين، فيحبِّذ قبوله أو رفضه، ويدافع عن الأخذ به أو العدول عنه. وبعبارة أخرى: هو الطريق التي يفضل المجتمع اتباعها في حياته الاقتصادية وحل مشكلاتها العملية.
ولقد تضمن النظام الإسلامي أحكاماً تتعلق بموضوع السياسة الاقتصادية، كما أن هذه الأحكام حددت رأياً مذهبياً واضحاً تجاه القضايا الاقتصادية حسبما يتطابق مع المثل العليا التي يجب أن تكون عليها الحياة الإنسانية. وأبدأ بما يأتي:
أولاً ـ لمحة عابرة عن خصائص النظامين الاشتراكي والرأسمالي:
أما النظام الرأسمالي: فإنه كما تقدم يقوم على أساس الاعتراف بمبدأ الملكية الفردية، فللأفراد الحق في تملك أموال الاستهلاك والإنتاج، ويمكن توارث ذلك عنهم، إلا أن الدولة تتدخل دائماً لانتزاع جزء كبير من ثروة المتوفى. وتعتبر حرية التعاقد والتبادل من ركائز هذا النظام فهو يعتبر دائماً نظام سوق، كما أنه يقوم على مبدأ الحرية الاقتصادية للأفراد، دون تدخل من الدولة لوضع قيود على الإنتاج أو الاستهلاك، فالحرية الاقتصادية تقتضي ترك تحديد الإنتاج، وأن الفرد حر في التصرف في ثروته استهلاكاً وادخاراً، ويكون السعي للحصول على أكبر كسب نقدي هو الدافع المحرِّك للنشاط الاقتصادي في ظل النظام الرأسمالي.
وقد انتقد هذا النظام كما تقدم؛ لأنه يؤدي إلى اختلال التوازن في توزيع الثروة بين الأفراد، وانقسام المجتمع إلى طبقتين: طبقة الرأسمالية الإقطاعية، وطبقة ذوي الدخل المحدود من العمال والفلاحين وغيرهم، كما أن هذا النظام يؤدي إلى تركيز الثروة في أيدي فئة قليلة مستبدة، وإلى انتشارا لبطالة،