٢ - حرز بغيره: وهو كل مكان غير معد للإحراز، يدخل إليه بلا إذن، ولا يمنع منه، كالمساجد والطرق والمفاوز.
فالنوع الأول: يكون حرزاً بنفسه، سواء وجد حافظ، أو لا، وسواء أكان الباب مغلقاً، أم مفتوحاً؛ لأن البناء يقصد به الإحراز، وهو معتبر بنفسه بدون صاحبه؛ لأنه عليه الصلاة والسلام علق القطع بإيواء الجرين والمراح من غير شرط وجود الحافظ، لصيرورته حرزاً.
وأما النوع الثاني: فحكمه حكم الصحراء إن لم يكن هناك حافظ، فإن كان هناك حافظ قريب
من المال يمكنه حفظه، فهو حرز، سواء أكان نائماً، أم يقظان، لأنه عليه الصلاة والسلام قطع سارق رداء صفوان، وصفوان كان نائماً (١).
والأخذ من الحرز شرط متفق عليه، ولا يجب القطع حتى ينفصل المال عن جميع الحرز.
وبناء عليه يعرف حكم الصور الآتية:
أـ لو سرق إنسان عِدلاً موجوداً على ظهر دابة تسير ضمن مجموعة من الدواب مقطورة ببعضها، لم يقطع؛ لأنه أخذ نفس الحرز، ونفس الحرز ليس في الحرز، وكون العدل على ظهر الدابة لا يكفي اعتباره محرزاً؛ لأنه ليس بحرز مقصود؛ لأن قصد قائد الدواب هو قطع المسافة دون الحفظ، وإنما القائد حافظ للدابة التي زمامها بيده فقط، هذا مذهب الحنفية. ويظهر أن هذا الرأي متأثر بالعرف، وعرفنا اليوم أن قائد القافلة مطالب بحفظ المتاع المحمول.
وقال الأئمة الثلاثة: القائد حافظ لكل الدواب التي يقودها إذا كان بحيث يراها إذا التفت إليها، وهو وإن كان يقصد قطع المسافة يقصد أيضاً الحفظ.
(١) المبسوط: ١٥٠/ ٩ وما بعدها، تبيين الحقائق للزيلعي: ٢٢١/ ٣، فتح القدير: ٢٤٠/ ٤، البدائع: ٧٣/ ٧، وقد سبق تخريج هذا الحديث في حد القذف.