للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند المالكية والشافعية في الأصح: القول هو قول المضارب، لأنه مأمون كالوديع (١).

د ـ وإن اختلفا في قدر رأس المال يقبل قول المضارب باتفاق الفقهاء (٢) كأن قال رب المال: دفعت إليك ألفين، وقال المضارب: دفعت إلي ألفاً، فيقبل قول المضارب؛ لأن المتعاقدين اختلفا في مقدار المقبوض، فكان القول قول القابض بدليل أنه لو أنكر القبض أصلاً، وقال: لم أقبض منك شيئاً كان القول قوله، فكذا لو أنكر البعض دون البعض.

ولو اختلف المتعاقدان في قدر رأس المال وفي مقدار الربح أيضاً، كأن قال رب المال: رأس المال ألفان، والمشروط ثلث الربح. وقال المضارب: رأس المال ألف، والمشروط نصف الربح، فقال الحنفية والحنابلة: القول قول المضارب أيضاً في قدر رأس المال، وقول رب المال في مقدار الربح. ويرى الشافعية أن المصدق بيمينه في الحالتين هو العامل؛ لأن الأصل عدم دفع زيادة على رأس المال، والأصل عدم الربح.

هـ ـ وإذا اختلف رب المال مع المضارب في مقدار الربح المشروط في العقد: فقال الحنفية والحنابلة في أرجح الروايتين عن أحمد: القول قول رب المال، مثل أن يقول المضارب: شرطت لي نصف الربح، فيقول رب المال: بل ثلثه، فيقبل قول رب المال؛ لأن صاحب المال ينكر الزيادة على النصف والقول قول المنكر (٣)؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «ولكن اليمين على المدعى عليه» (٤).


(١) البدائع: ١٠٨/ ٦، المغني: ٧٠/ ٥، مغني المحتاج: ٣٢٢/ ٢، المهذب: ٣٨٩/ ١، الشرح الكبير: ٥٣٦/ ٣، غاية المنتهى: ١٧٨/ ٢.
(٢) تبيين الحقائق: ٧٤/ ٥، البدائع: ١٠٩/ ٦، تكملة فتح القدير: ٨٦/ ٧، المبسوط: ٢٧/ ٢٢، بداية المجتهد: ٢٤١/ ٢، مغني المحتاج: ٣٢١/ ٢، المهذب: ٣٨٩/ ١، المغني: ٦٩/ ٥، غاية المنتهى: ١٧٨/ ٢.
(٣) المبسوط: ٨٩/ ٢٢، البدائع: ١٠٩/ ٦، المغني: ٧٠/ ٥، غاية المنتهى: ١٧٨/ ٢.
(٤) أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس، ولفظه عند البيهقي في سننه: «لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، لكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر» (انظر نصب الراية: ٩٦/ ٤) وهناك حديث أخرجه الترمذي والدارقطني في سننيهما عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال في خطبته: «البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه» (راجع نصب الراية: ٣٩٠/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>