للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن البيوع غير الصحيحة بسبب الغرر: بيع المضامين والملاقيح، وبيع الملامسة والمنابذة والحصاة (١)، وبيع ضربة القانص (بأن يقول البائع: بعتك ما يخرج من إلقاء هذه الشبكة مرة

بكذا) وضربة الغائص (بأن يقول: أغوص غوصة، فما أخرجته من اللآلئ، فهو لك بكذا) (٢) فالمبيع في الأنواع الخمسة الأخيرة مجهول الذات أو المقدار، وقد ثبت النهي عنها، وهي من بيوع الجاهلية.

ومنها بيع المزابنة: وهو بيع الرطب أو العنب على النخل أو الكرمة بتمر مقطوع، أوزبيب مثل كيله خرصاً أي بتقديره حَزْراً أو تخميناً. وبيع المحاقلة: أي بيع الحنطة في سنبلها بحنطة مثل كيلها خرصاً، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم «نهى عن المزابنة والمحاقلة» (٣) لما في ذلك من الربا لجهالة مقدار المبيع، إذ أنه كما هو معلوم يشترط


(١) سبق شرح المضامين والملاقيح، وأما بيع الملامسة: فهو مثل بعتك ثوبي هذا على أنك متى لمسته، أو إن لمسته، أو أي ثوب من هذه الأثواب لمسته، فهو لك. وبيع المنابذة مثل: إن أو متى نبذت هذا، أو أي ثوب نبذته لك (أي طرحته) فهو لك بكذا. وبيع الحصاة الذي يشبه بيع اليانصيب اليوم، كأن يقول: ارم بهذه الحصاة، فعلى أي ثوب وقعت فهو لك، أو بعتك من هذه الأرض ما انتهت إليه الحصاة في الرمي. ولفظ الغرر يشملها، إلا أنها أفردت في الحديث بالنهي كما سنلاحظ، لكونها كانت مما يبتاعها أهل الجاهلية. (سبل السلام: ٣ ص ١٥، غاية المنتهى: ٢ ص ١١) وفسر الحنفية هذه البيوع الثلاثة تفسيراً يشعر بأن اللمس أمارة على لزوم البيع، سواء أكان المشتري عالماً بالمبيع أم جاهلاً به، في حين أن مفهوم بيع الملامسة عند المحدثين هو أن اللمس يقوم مقام نظر السلعة إذا احتاج الأمر إلى ذلك كالثوب، قال المرغيناني: هي أن يتراوض الرجلان على سلعة (أي يتساومان) فإذا لمسها المشتري، أو نبذها إليه البائع، أو وضع المشتري عليها حصاة، لزم المبيع، فالأول بيع الملامسة، والثاني: المنابذة، والثالث: إلقاء الحجر أي بيع الحصاة (راجع فتح القدير: ٥ ص ١٩٦).
(٢) الصائد بالآلة هو القانص سواء في البر أو البحر. وأما من يغوص في البحر لاستخراج اللآلئ مثلاً فهو الغائص، وقد ورد النهي عن ضربة الغائص في حديث أبي سعيد الخدري (نيل الأوطار: ١٤٨/ ٥).
(٣) أخرجه البخاري ومسلم من حديث جابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري، وأخرجه البخاري أيضاً من حديث ابن عباس، وأنس. وأخرجه مسلم أيضاً من حديث أنس (راجع نصب الراية: ٤ ص ١٢ ومابعدها، نيل الأوطار: ٥ ص ١٩٨ ومابعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>