ومثال الضرر الموهوم: كثرة إنجاب النسل الذي قد يترتب عليه ضائقة اقتصادية، لا يمنع منه الإنسان؛ لأن الضرر هنا متوهم؛ فالله تعالى أودع في الأرض من الكنوز والموارد ما يكفي حاجة الإنسان إذا استخدمت الأيدي العاملة والعقول المفكرة، وتمت مراقبة الله وتقواه في هذه الموارد، كما قال تعالى:{ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض، ولكن كذبوا، فأخذناهم بما كانوا يكسبون}[الأعراف:٩٦/ ٧]. وقال سبحانه في شأن أهل الكتاب:{ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم، لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، منهم أمة مقتصدة، وكثير منهم ساء ما يعملون}[المائدة:٦٦/ ٥].
وأساس هذه القاعدة: هو مقدار الضرر الناشئ عن استعمال الحق.
القاعدة الرابعة ـ الاستعمال غير المعتاد وترتب ضرر للغير: إذا استعمل الإنسان حقه على نحو غير معتاد في عرف الناس، ثم ترتب عليه ضرر للغير، كان متعسفاً، كرفع صوت المذياع المزعج للجيران والتأذي به، واستئجار دار، ثم ترك الماء في جدرانها وقتاً طويلاً، أو استئجار سيارة ثم يحملها أكثر من حمولتها، أودابة ثم يضربها ضرباً قاسياً أو يحملها ما لا تطيق.
ففي كل ذلك يعتبر متعسفاً، فيمنع من تعسفه، ويعوض المتضرر عما أصابه من ضرر.
كذلك يمنع من استعمال حقه، إذا استعمل حقه استعمالاً غير معتاد، ولم يترتب عليه ضرر ظاهر؛ لأن الاستعمال على هذا النحو لا يخلو من ضرر، وعدم ظهور الضرر لا يمنع من وجوده في الواقع، وإن كان يمنع من الحكم عليه بالتعويض لعدم وضوح الضرر، فإن كان الاستعمال معتاداً مألوفاً، ووقع الضرر فلا يعد