للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشروعيته: الخلع جائز لا بأس به عند أكثر العلماء (١)، لحاجة الناس إليه بوقوع الشقاق والنزاع وعدم الوفاق بين الزوجين، فقد تبغض المرأة زوجها وتكره العيش معه لأسباب جسدية خَلْقية، أو خلُقية أو دينية، أو صحية لكبر أو ضعف أو نحو ذلك، وتخشى ألا تؤدي حق الله في طاعته، فشرع لها الإسلام في موازاة الطلاق الخاص بالرجل طريقاً للخلاص من الزوجية، لدفع الحرج عنها ورفع الضرر عنها، ببذل شيء من المال تفتدي به نفسها وتتخلص من الزواج، وتعوض الزوج ما أنفقه في سبيل الزواج بها. وقد حصر جمهور العلماء أخذ الفدية من مال الزوجة مقابل الطلاق في حال النشوز وفساد العشرة من قبل الزوجة.

ودل الكتاب والسنة على مشروعيته، أما الكتاب فقوله تعالى: {فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة:٢٢٩/ ٢] وقوله سبحانه: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً، فكلوه هنيئاً مريئاً} [النساء:٤/ ٤] وقوله: {فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً} [النساء:١٢٨/ ٤].

وأما السنة: فحديث ابن عباس: «أن امرأة ثابت بن قيس جاءت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني ما أعيب عليه في خلُق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أتردّين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة، وطلِّقها تطليقة» (٢) فهي لا تريد مفارقته لسوء خلقه ولا لنقصان دينه، وإنما كرهت كفران العشير، والتقصير فيما يجب له بسبب شدة البغض له، فأمرها النبي صلّى الله عليه وسلم أمر إرشاد وإصلاح لا إيجاب برد بستانه الذي أمهرها إياه، وهو أول خلع وقع في الإسلام، وفيه معنى المعاوضة.


(١) بداية المجتهد: ٦٦/ ٢، الدر المختار: ٧٦٧/ ٢، مغني المحتاج: ٢٦٢/ ٣، المغني: ٥١/ ٧.
(٢) رواه البخاري والنسائي، ورواه ابن ماجه أيضاً (نيل الأوطار: ٢٤٦/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>