ماهية الرجوع: لا خلاف في أن الرجوع في الهبة بقضاء القاضي فسخ. واختلف العلماء في الرجوع فيها بالتراضي، فقال جمهور الحنفية: إنه فسخ أيضاً كالرجوع بالقضاء، فيجوز بالمشاع، ولا يشترط لصحته القبض.
وقال زفر: إنه هبة مبتدأة؛ لأن ملك الموهوب عاد إلى الواهب بتراضيهما، فصار يشبه الرد بالعيب، فيعتبر عقداً جديداً بالنسبة لشخص ثالث غير المتعاقدين.
واستدل جمهور الحنفية بأن الواهب بالفسخ يستوفي حق نفسه، واستيفاء الحق لا يتوقف على قضاء القاضي، بخلاف الرد بالعيب بعد القبض بغير قضاء القاضي: إنه يعتبر بيعاً جديداً في حق شخص ثالث (أي غير المتعاقدين)، لأنه لا حق للمشتري في الفسخ، وإنما حقه في كون المبيع سالماً من العيوب، فإذا لم يسلم اختل رضاه (١).
[المبحث السادس ـ عطية الأولاد]
لا خلاف بين جمهور العلماء في استحباب التسوية في العطاء بين الأولاد، وكراهة التفضيل بينهم في حال الصحة كما تقدم، واختلفوا في بيان المراد من التسوية المستحبة.
فقال أبو يوسف من الحنفية، والمالكية والشافعية وهو رأي الجمهور: يستحب للأب أن يسوي بين الأولاد ـ الذكور والإناث ـ في العطية، فتعطى الأنثى مثلما يعطى الذكر؛ لقوله صلّى الله عليه وسلم: «سووا بين أولادكم في العطية، ولو كنت مؤثراً