للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأدلة مشروعيته (١): الكتاب والسنة والإجماع، فمن الكتاب: قوله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} [البقرة:١٨٧/ ٢] ومثله {أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين} [البقرة:١٢٥/ ٢] فالإضافة في الآية الأولى إلى المساجد المختصة بالقربات، وترك الوطء المباح لأجله، دليل على أنه قربة.

والسنة: لما روى ابن عمر وأنس وعائشة أن «النبي صلّى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، منذ قدم المدينة إلى أن توفاه الله تعالى» (٢) وقال الزهري: «عجباً من الناس، كيف تركوا الاعتكاف، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يفعل الشيء ويتركه، وما ترك الاعتكاف حتى قبض».

وهو من الشرائع القديمة، قال الله تعالى: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين} [البقرة:١٢٥/ ٢].

والهدف منه: صفاء القلب بمراقبة الرب والإقبال والانقطا ع إلى العبادة في أوقات الفراغ، متجرداً لها، ولله تعالى، من شواغل الدنيا وأعمالها، ومسلِّماً النفس إلى المولى بتفويض أمرها إلى عزيز جنابه والاعتماد على كرمه والوقوف ببابه، وملازمة عبادته في بيته سبحانه وتعالى والتقرب إليه ليقرب من رحمته، والتحصن بحصنه عز وجل، فلا يصل إليه عدوه بكيده وقهره، لقوة سلطان الله وقهره وعزيز تأييده ونصره. فهو من أشرف الأعمال وأحبها إلى الله تعالى إذا كان عن إخلاص لله سبحانه؛ لأنه منتظر للصلاة، وهو كالمصلي، وهي حالة قرب.

فإذا انضم إليه الصوم عند مشترطيها ازداد المؤمن قرباً من الله بما يفيض على الصائمين من طهارة القلوب، وصفاء النفوس.


(١) مراقي الفلاح: ص١٢٠، مغني المحتاج: ٤٤٩/ ١، المغني: ١٨٣/ ٣.
(٢) متفق عليه، عبارة الصحيحين: «أنه صلّى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأوسط من رمضان ثم اعتكف العشر الأواخر، ولازمه حتى توفاه الله تعالى» ثم اعتكف أزواجه من بعده. (نيل الأوطار: ٢٦٤/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>