للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن هذه الأشياء لا تعد مالاً عادة، فيقل خطرها عند الناس، فكانت تافهة، ونظراً لأنها معرضة للهلاك أيضاً تشبه ما لم يحرز، فإن كان المسروق مما يبقى من سنة إلى سنة، فيدخر، مثل الجوز واللوز والتمر اليابس والفواكه اليابسة والخل والدبس، فيجب القطع (١).

وقال أبو يوسف: يجب القطع فيما لا يحتمل الادخار؛ لأنها منتفع بها حقيقة، والانتفاع بها مباح شرعاً على الإطلاق، فكانت مالاً، فيقطع فيها كسائر الأموال (٢). وهذا الرأي يتفق مع عرفنا اليوم، إذ أن الفواكه أصبحت من الأموال المهمة، وليست تافهة، كما كان عليه عرف الناس في الماضي.

وقال المالكية والشافعية والحنابلة: يجب القطع في كل الأموال المتمولة التي يجوز بيعها، وأخذ العوض عنها، سواء أكانت طعاماً أم ثياباً، أم حيواناً، أم أحجاراً، أم قصباً، أم صيداً، أم زجاجاً، ونحوها، لعموم قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة:٣٨/ ٥] ولأن هذا مال يتمول عادة ويرغب فيه، فيقطع سارقه إذا اجتمعت فيه شروط السرقة (٣)، كأن يؤخذ من حرز مثله.

سرقة الثمر المعلق: اتفق العلماء على أنه لا يجب القطع في سرقة الثمر المعلق على الشجر أو الحنطة في سنبلها، إذا لم يكن محرزاً، فإن أحرز وجب فيه القطع. ويرجع في تحديد الحرز إلى ما يعرفه الناس حرزاً، فما عرفوه حرزاً قطع بالسرقة منه، وما لا يعرفونه حرزاً لم يقطع بالسرقة منه؛ لأن الشرع دل على اعتبار الحرز،


(١) المبسوط: ١٥٣/ ٩، فتح القدير: ٢٢٧/ ٤، البدائع: ٦٩/ ٧.
(٢) المراجع السابقة.
(٣) بداية المجتهد: ٤٤١/ ٢، الميزان: ١٦٢/ ٢، المهذب: ٢٧٧/ ٢ وما بعدها، المغني: ٢٤٦/ ٨، نيل الأوطار: ١٢٨/ ٧، غاية المنتهى: ٣٣٧/ ٣، ٣٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>