للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدلوا من السنة بقوله صلّى الله عليه وسلم: «نفس المؤمن معلَّقة بدينه حتى يقضى عنه» (١). وقوله في قصة أبي قتادة: «الآن بردت جلدته» (٢) حين أخبره أنه قضى دينه. وأما صلاة النبي صلّى الله عليه وسلم على المضمون عنه، فلأنه بالضمان صار له وفاء، وإنما امتنع عن الصلاة على مدين لم يخلف وفاء. وأما قوله: «فك الله رهانك إلخ» فإنه كان بحال لا يصلي عليه النبي صلّى الله عليه وسلم، فلما ضمن عنه فكه عن ذلك أو عما في معناه (٣).

وهناك فرق بين وضع الكفالة ووضع الغاصب وغاصب الغاصب، فإن للمالك المغصوب منه أن يضمن أيهما شاء، وإذا اختار تضمين أحدهما لا يملك اختيار تضمن الآخر. ووجه الفرق: أن المالك المغصوب منه إذا اختار تضمين الغاصب أو غاصب الغاصب أي إن قضى القاضي عليه فاختياره يتضمن التمليك منه للمضمون، فيبرأ الآخر بالضرورة، بخلاف المطالبة بمقتضى الكفالة، فإنها لا تقتضي التمليك للمضمون؛ لأن مقتضى الكفالة هو الضم، ولا يحصل التمليك فيها، حتى ولو قضى القاضي ما لم توجد حقيقة الاستيفاء.

الحكم الثاني للكفالة: هو ثبوت ولاية مطالبة الكفيل الأصيل إذا كانت الكفالة بأمره في جميع أنواع الكفالات، فإذا كانت الكفالة بدين مثلاً يطالب


(١) رواه أحمد في مسنده والترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة. وفي معناه روى الطبراني في الأوسط عن البراء بن عازب عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «صاحب الدين مأسور بدينه يشكو إلى الله الوحدة» وفيه مبارك بن فضالة وثقه عفان وابن حبان وضعفه جماعة (راجع الجامع الصغير: ١٨٨/ ٢، مجمع الزوائد: ١٢٩/ ٤).
(٢) هذا ثابت في رواية جابر بن عبد الله عند أحمد والدارقطني والحاكم بلفظ «الآن بردت عليه جلده» وفي رواية: «قبره» (راجع التلخيص الحبير: ص ٢٥١، نيل الأوطار: ٢٣٩/ ٥).
(٣) فتح القدير: ٣٩٠/ ٥ والمراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>