لذا فإنه يلتقي مع أحسن ما في النظامين الحاضرين: الاشتراكي والرأسمالي من مزايا وصفات، ويتجنب ما فيهما من مغالاة وانحراف عن سنن الفطرة الإنسانية، ويسير بأبنائه إذا التزموا مبادئه نحو السعادة الحقيقية التي من أبرز مظاهرها شعور الإنسان بالاستقرار المادي، والاطمئنان النفسي والثقة بالذات، والتمتع بالحرية والكرامة.
وليست فلسفة الإسلام في بناء الحضارة الإنسانية قائمة على مجرد إشباع البطون؛ لأن الإنسان جسم وروح، لا مجرد آلة، وإنما هو يفيض بمشاعر الآمال والآلام، ويحس في قرارة نفسه العجز في يوم ما، والناس يتفاوتون عادة في قدراتهم الإنتاجية بحسب تفاوت استعدادهم الفطري وقواهم الفكرية والجسدية، وليس من العدل ولا من المعقول حرمان إنسان من ثمرات عمله أو الحد منها ما دامت مشروعة.
ولقد حارب الإسلام الثالوث الهدّام المخيف (وهو الفقر والجهل والمرض) وقاوم كل عوامل التخلف الاقتصادي: وهي البطالة ووسائل الكسب غيرالمشروع وإضعاف الإنتاج الزراعي والصناعي والتجاري، كما أنه حقق في الواقع التاريخي مبادئه في التكافل الاجتماعي.
[المبحث الثاني ـ المعالم الكبرى لاشتراكية الإسلام]
[تمهيد حول مصطلح الاشتراكية]
شاعت كلمة (الاشتراكية) في عصرنا الحاضر بدءاً من القرن التاسع عشر، وتحمس لها الناس لأنها نشأت كرد فعل لظلم الرأسمالية، ولأنهم وجدوا فيها ملامح الإنسانية والعدل والرفاه والمساواة، باعتبار أن النظام الاشتراكي يتضمن