ولا يصح الإبراء المقيد بشرط أداء البعض عند الحنابلة؛ لأنه إبراء عن بعض الحق في مقابل بقيته، فكأنه عاوض بعض حقه ببعض.
هذا إذا كان الشرط أداء الباقي، أما إن أبرأه عن البعض بشرط تعجيل الباقي، لم يجز كما أبان الشافعية؛ لأنه يشبه ربا الجاهلية. فإن عجل المدين وفاء بعض الدين بغير شرط، فأخذه منه الدائن، وأبرأه مما بقي، فإنه يصح.
٢ ً - ألا يتنافى مع الشرع: كالإبراء من شرط التقابض في الصرف، والإبراء من حق السكنى في بيت العدة، والإبراء من حق الولاية على الصغير، فلا يصح؛ لأن كل ما يؤدي إلى تغيير المشروع باطل، ولا يستطيع أحد تغيير حكم الله تعالى.
ويشترط أيضاً ألا يؤدي الإبراء إلى ضياع حق الغير، كالإبراء الصادر من الأم المطلَّقة عن حق الحضانة، لأنه حق للصغير وللحاضنة.
٣ ً - أن يكون للمبرئ ملك سابق في الحق المبرأ منه: لأنه لا يصح تصرف الإنسان في ملك غيره دون إنابة منه، أو فضالة عنه عند من يصحح تصرف الفضولي. وهذا شرط متفق عليه؛ لأن تصرف الفضولي جائز عند القائلين به في حالة الظهور بمظهر المالك، وإلا كان من بيع ما لا يملك، وهو منهي عنه.
أما الإبراء بعد سقوط الحق أو وفائه، أي بعد قضاء الدين، فهو صحيح عند الحنفية؛ لأن الساقط بقضائه هو المطالبة، لا أصل الدين، فتسقط مطالبة كل من طرفي الدين للآخر، لانشغال ذمة كل منهما بدين الآخر، وأما الدينان فيتساقطان بطريق المقاصة؛ لأن الديون تقضى بأمثالها. فإذا أبرأ الدائن المدين بعد وفاء الدين، كان للمدين الرجوع بما أداه، إذا أبرأه براءة إسقاط، أما إذا أبرأه براءة استيفاء فلا رجوع. ويعرف نوع البراءة عند الإطلاق بالعرف. وعليه، لو تبرع إنسان بقضاء