للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحنفية: لا تقتل المرأة المرتدة، ولكنها تجبر على الإسلام، وإجبارها يكون بالحبس إلى أن تسلم أو تموت؛ لأنها ارتكبت جرماً عظيماً، وتضرب في كل ثلاثة أيام مبالغة في الحمل على الإسلام، ولو قتلها قاتل لا يجب عليه شيء للشبهة. ودليلهم على عدم جواز قتل المرأة المرتدة هو قوله صلّى الله عليه وسلم: «لا تقتلوا امرأة» وفي حديث صحيح آخر أن النبي عليه السلام نهى عن قتل النساء، ولأن القتل لدفع شر الحرابة لا بسبب الكفر، إذ جزاؤه أعظم من القتل عند الله تعالى، فيختص القتل لمن يتأتى منه المحاربة، وهو الرجل دون المرأة لعدم صلاحية بنيتها (١).

أما الاستتابة قبل القتل: فيستحب عند الحنفية أن يستتاب المرتد ويعرض عليه الإسلام، لاحتمال أن يسلم، لكن لا يجب؛ لأن دعوة الإسلام قد بلغته، فإن أسلم فمرحباً به، وإن أبى نظر الإمام في شأنه: فإن تأمل توبته أو طلب هو التأجيل أجله ثلاثة أيام، فإن لم يتأمل توبته، أو لم يطلب هو التأجيل، قتله في الحال، بدليل ما روي عن سيدنا عمر رضي الله عنه: «أنه قدم على رجل من جيش المسلمين، فقال: هل عندكم من مُغربةِ خبر؟ قال: نعم، رجل كفر بالله تعالى بعد إسلامه، فقتلناه، فقال عمر: هلا حبستموه في بيت ثلاثة أيام، وأطعمتموه في كل يوم رغيفاً لعله يتوب، ثم قال: اللهم إني لم أحضر ولم آمر، ولم أرض» (٢)، إلا أن الكمال بن الهمام قال: لكن ظاهر تبري عمر يقتضي الوجوب.

وكيفية توبة


(١) راجع المبسوط: ٩٨/ ١٠ وما بعدها، فتح القدير: ٣٨٥/ ٤ وما بعدها، البدائع: ١٣٤/ ٧، تبيين الحقائق للزيلعي: ٣٨٤/ ٣ وما بعدها، الدر المختار ورد المحتار: ٣١٢/ ٣، ٣٢٦.
(٢) رواه مالك في الموطأ، والشافعي والبيهقي من طريقه عن محمد بن عبد الله بن عبد القادر، قال: قدم على عمر بن الخطاب رجل من قبل أبي موسى .. الحديث (نصب الراية: ٤٦٠/ ٣، نيل الأوطار: ١٩١/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>