وذهب المالكية (١) إلى أن التفويض (وهو إنابة الزوج غيره في الطلاق) يتنوع إلى ثلاثة أنواع: توكيل وتخيير وتمليك. والتوكيل: هو جعل الزوج حق إنشاء الطلاق لغيره: زوجة أو غيرها، مع بقاء الحق له في منع الوكيل من إيقاع الطلاق. فإذا وكل الرجل المرأة على طلاقها، فلها أن تفعل ما وكلها عليه من طلقة واحدة، أو أكثر، وله أن يعزلها ما لم تفعل الموكل فيه إلا لتعلق حقها بالوكالة كما سأبين قريباً. وهو بخلاف التمليك والتخيير، ليس له عزلها؛ لأن فيهما قد جعل لها ما كان يملكه ملكاً لها، أما التوكيل فإنه جعلها نائبة عنه في إيقاع الطلاق.
والتمليك: هو أن يملِّك الرجل المرأة أمر نفسها، كأن يقول لها: جعلت أمرك أو طلاقك بيدك، وليس له أن يعزلها عنه. ولها أن تفعل ما جعل بيدها من طلقة واحدة أو أكثر. ويظهر قبولها للتمليك بالقول أو بالفعل. أما القول: فهو أن توقع الطلاق بلفظها. وأما الفعل: فهو أن تفعل ما يدل على الفراق، مثل نقل أثاثها أو غيره.
وكل من التمليك والتخيير لا يتقيد في المجلس الذي صدر فيه، وفي كل منها لا يملك الرجل الرجوع عما منح المرأة.
والتخيير: هو أن يخيرها بين البقاء معه أو الفراق، بأن يقول لها: اختاريني أو اختاري نفسك. فلها أن تفعل من الأمرين ما أحبت. فإن اختارت الفراق، كان طلاقها بالثلاث. وإن أرادت طلقة أو اثنتين لم يكن لها، إلا أن يخيرها في طلقة واحدة أو طلقتين معاً، فتوقعها، وليس له عزلها. ويصح التفويض بأنواعه الثلاثة لغير الزوجة بشرط كونه حاضراً في البلد أو قريب الغيبة كاليومين وإلا انتقل