للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما عاقلاً والآخر مجنوناً، أو أحدهما عالماً بالتحريم والآخر جاهلاً، أو أحدهما مختاراً والآخر مستكرهاً، أو أحدهما مسلماً والآخر مستأمناً، وجب الحد على من هو من أهل الحد، ولم يجب على الآخر؛ لأن أحدهما انفرد بما يوجب الحد، وانفرد الآخر بما يسقط الحد، فوجب الحد على أحدهما، وسقط عن الآخر. وإن كان أحدهما محصناً، والآخر غير محصن، وجب على المحصن الرجم، وعلى غير المحصن الجلد والتغريب؛ لأن أحدهما انفرد بسبب الرجم، والآخر انفرد بسبب الجلد والتغريب.

[اختلاف العلماء في اشتراط الإسلام للإحصان]

قال أبو حنيفة ومالك: الإسلام من شروط الإحصان، فلا يرجم الذمي إذا تحاكم إلينا، ولا تحصن الذمية مسلماً؛ لأن الرجم تطهير، والذمي ليس من أهل التطهير، بل لا يطهر إلا بحرقه في الآخرة بالنار، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: «من أشرك بالله فليس بمحصن» (١).

وقال صلّى الله عليه وسلم لكعب بن مالك حين أراد أن يتزوج يهودية: «دعها فإنها لا تحصنك» (٢). قالوا: وأما رجمه اليهوديين (٣) فكان بحكم التوراة قبل نزول آية


(١) رواه إسحاق بن راهويه في مسنده عن ابن عمر، رفعه مرة فقال: عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ووقفه مرة. ومن طريق إسحاق بن راهويه رواه الدارقطني في سننه، ثم قال: «لم يرفعه غير إسحاق، ويقال: إنه رجع عن ذلك والصواب موقوف». (راجع نصب الراية: ٣٢٧/ ٣، التلخيص الحبير: ص ٣٥١).
(٢) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، ومن طريقه في معجمه والدارقطني في سننه وابن عدي في الكامل من حديث أبي بكر بن أبي مريم عن علي بن أبي طلحة عن كعب بن مالك أنه أراد أن يتزوج يهودية، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: «لا تتزوجها فإنها لا تحصنك» قال الدارقطني: وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف، وعلي بن أبي طلحة لم يدركا كعباً (راجع نصب الراية: ٣٢٨/ ٣).
(٣) رواه أحمد وأصحاب الكتب الستة عن ابن عمر مختصراً، ومطولاً. ورواه أبو داود عن أبي هريرة وفيه رجل مجهول، ورواه الحاكم من حديث ابن عباس، ورواه البيهقي من حديث عبد الله بن الحارث الزبيدي، وإسناده ضعيف، ورواه ابن حبان في صحيحه عن ابن عمر (راجع نصب الراية: ٣٢٦/ ٣، التلخيص الحبير: ص ٣٥١، نيل الأوطار: ٩٢/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>