للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكون تجارة عن تراض منكم} [النساء:٢٩/ ٤] وقوله سبحانه في استحقاق أخذ شيء من حقوق الزوجات: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً} [النساء:٤/ ٤] وقال النبي صلّى الله عليه وسلم «إنما البيع عن تراض» (١) «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه» (٢). وبناء عليه فإن مجرد التراضي هو الذي يولد العقد والتزاماته، دون حاجة لممارسة شكلية معينة، إلا عقد الزواج الذي يخضع لخطورته لشكلية الإعلان بالإشهاد عليه. والإرادة حرة في إبرام العقد دون خضوع لأي نوع من أنواع الإكراه العقدي، سواء في المعاملات المالية، أم في عقود الزواج، إلا ما توجبه قواعد العدالة ومصلحة الجماعة، كبيع القاضي أموال المدين المماطل جبراً عنه لإيفاء ديونه، وبيع الأموال المحتكرة لصالح الجماعة، واستملاك الأراضي للمصالح العامة.

واختلفت الاجتهادات الإسلامية على رأيين في مبدأ حرية إنشاء العقود (حرية التعاقد) أي اختيار نظام معين ليكون عقداً بين طرفين، أو اختيار نوع معين من أنواع العقود الجديدة بالإضافة إلى العقود المتعارف عليها في الماضي. وهذان الرأيان هما ما يأتي:

الرأي الأول ـ للظاهرية: (أتباع داود بن علي وابن حزم الأندلسي) (٣) وهم المضيقون الذين يقولون: الأصل في العقود المنع حتى يقوم دليل على الإباحة، أي أن كل عقد أو شرط لم يثبت جوازه بنص شرعي أو إجماع فهو باطل ممنوع (٤). واستدلوا على رأيهم بأدلة ثلاثة:


(١) حديث حسن رواه ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري.
(٢) رواه الدارقطني عن أنس، وفيه مجهول (نيل الأوطار: ٣١٦/ ٥).
(٣) وليس لهم أتباع في العصر الحاضر.
(٤) فتاوى ابن تيمية: ٣٢٣/ ٣، الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم: ٥٩٣/ ٥ ومابعدها ط الإمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>