اتفق العلماء على أنه يكفي الوقوف في جزء من أرض عرفة، ولو في لحظة لطيفة، وأوجب المالكية الطمأنينة بعد الغروب في الوقوف أي الاستقرار بقدر الجلسة بين السجدتين قائماً أو جالساً أو راكباً. فالقدر المفروض من الوقوف: هو وجوده بعرفة ساعة من هذا الوقت، سواء أكان عالماً بها أم جاهلاً، نائماً أم يقظان مفيقاً، أم مغمى عليه أم سكران أم مجنوناً في رأي الحنفية والمالكية، وسواء وقف بها أو مرَّ، وهو يمشي أو على الدابة، أو محمولاً؛ لأنه أتى بالقدر المفروض: وهو وجوده كائناً بها، للحديث السابق:«من وقف بعرفة، فقد تم حجه». والمشي والسير لا يخلو عن وقفة، سواء نوى الوقوف أم لم ينو.
ولا خلاف في أنه لا يشترط للوقوف طهارة ولا ستارة ولا استقبال القبلة ولانية، فيصح كون الواقف محدثاً أو جنباً أو حائضاً أو نفساء. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من وقف الوقوف بعرفة غير طاهر مدرك للحج، ولا شيء عليه.
بدليل قول النبي صلّى الله عليه وسلم لعائشة:«افعلي ما يفعله الحاج غير الطواف بالبيت» ووقفت عائشة بعرفة حائضاً بأمر النبي، لكن يستحب كما سأبين أن يكون طاهراً.
خامساً ـ حكم الحاج إذا فاته الوقوف:
إذا فات الوقوف بعرفة، فات الحج في تلك السنة، ولا يمكن استداركه فيها، لأن ركن الشيء ذاته، وبقاء الشيء مع فوات ذاته محال.
وذكر النووي في الإيضاح (ص ٥٤): إذا غلط الحجاج، فوقفوا في غير يوم عرفة نظر: