للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلّى الله عليه وسلم سئل عن الشهادة، فقال للسائل: ترى الشمس؟ قال: نعم، فقال: على مثلها فاشهد، أو دع» (١).

وحكم الشهادة: وجوب القضاء على القاضي بموجبها بعد توافر شروطها. وأما حكم تحمل الشهادة وأدائها، فهو فرض كفائي إذا دعي الشهود إليه، إذ لو تركه الجميع، لضاع الحق، ويصبح أداء الشهادة بعد التحمل فرض عين، فيلزم الشهود بأداء الشهادة، ولا يجوز لهم كتمانها إذا طالبهم المدعي بها، لقوله تعالى: {ولا يأب الشهداء إذا ما دُعوا} [البقرة:٢٨٢/ ٢] وقوله سبحانه: {ولا تكتموا الشهادة، ومن يكتمها فإنه آثم قلبه} [البقرة:٢٨٣/ ٢] وقوله عز وجل: {وأقيموا الشهادة لله} [الطلاق:٢/ ٦٥] (٢).

ويجب أداء الشهادة بلا طلب في حقوق الله تعالى، كطلاق امرأة بائناً، ورضاع، ووقف، وهلال رمضان، وخلع، وإيلاء، وظهار. قال الحنفية (٣): الذي تقبل فيه الشهادة حسبة (٤) بدون الدعوى أربعة عشر: وهي الوقف، وطلاق الزوجة، وتعليق طلاقها، وحرية الأمة، وتدبيرها، والخلع، وهلال رمضان، والنسب، وحد الزنا، وحد الشرب، والإيلاء، والظهار، وحرمة المصاهرة، ودعوى المولى نسب العبد. وزاد ابن عابدين: الشهادة بالرضاع.

لكن الشهادة في الحدود: يخير فيها الشاهد بين الستر والإعلام؛ لأنه يكون متردداً بين شهادتي حسبة: في إقامة الحد، والتوقي عن هتك حرمة مسلم، والستر


(١) رواه البيهقي والحاكم وصحح إسناده وتعقبه الذهبي، فقال: «بل هو حديث واه» وأخرجه ابن عدي بإسناد ضعيف عن ابن عباس (سبل السلام: ١٣٠/ ٤، نصب الراية: ٨٢/ ٤).
(٢) المبسوط: ١٧٧/ ١٦، فتح القدير: ٣/ ٦، الدر المختار: ٣٨٦/ ٤، الشرح الكبير للدردير: ١٩٩/ ٤، مغني المحتاج: ٤٥٠/ ٤، المغني: ١٤٦/ ٩، المهذب: ٣٢٣/ ٢.
(٣) الدر المختار ورد المحتار: ٤٤٠/ ٣.
(٤) الحسبة: الأجر، أي لقصد الأجر، لا لإجابة مدعٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>