من سعى في طاعة الله وسبيل الخيرات إذا كان محتاجاً؛ لأن «في سبيل الله» عام في الملك، أي يشمل عمارة المساجد ونحوها مما ذكر، وفسر بعض الحنفية «سبيل الله بطلب العلم ولو كان الطالب غنياً». قال أنس والحسن:«ما أعطيت في الجسور والطرق، فهي صدقة ماضية».
وقال مالك: سبل الله كثيرة، ولكني لا أعلم خلافاً في أن المراد بسبيل الله ههنا الغزو.
خامساً ـ مقدار ما يعطى لمستحقي الزكاة: اختلف الفقهاء في مقدار ما يعطى للفقير والمسكين (١):
فقال الشافعية والحنابلة: يجوز أن يدفع إلى كل منهما ما تزول به حاجته أو كفايته من أداة يعمل بها إن كان فيه قوة، أو بضاعة يتجر فيها، حتى ولو احتاج إلى مال كثير للبضاعة التي تصلح له، ويحسن التجارة فيها؛ لأن الله أثبت الصدقات لهؤلاء الأصناف دفعاً لحاجتهم وتحصيلاً لمصلحتهم، فالمقصود من الزكاة سد الخلة ودفع الحاجة، فيعطى الفقير والمسكين ما يحقق حاجته وهو كفاية سنة. وقال صلّى الله عليه وسلم في حديث قبيصة عند مسلم:«فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، أو سِداداً من عيش» والسداد: الكفاية.
وكره أبو حنيفة إعطاء إنسان نصاب الزكاة وهو قدر مئتي درهم، ويجزئ إعطاء أي قدر.
(١) الدر المختار: ٨٨/ ٢،٩٣، فتح القدير: ٢٨/ ٢، الشرح الكبير مع الدسوقي: ٤٩٤/ ١، أحكام القرآن لابن العربي: ٩٦١/ ٢، المجموع: ٢٠٢/ ٦، المهذب: ١٧١/ ١، مغني المحتاج: ١١٤/ ٣، بداية المجتهد:٢٦٨/ ١ ومابعدها، كشاف القناع: ٣١٧/ ٢ ومابعدها.