فقال أبو حنيفة رضي الله عنه، وقوله هو الأرجح عند الحنفية: المشتري بالخيار في المرابحة: إن شاء أخذه بجميع الثمن، وإن شاء ترك. وأما في التولية: فلا خيار له لكن يحط قدر الخيانة، ويلزم العقد بالثمن الباقي. ووجه الفرق بين المرابحة والتولية: هو أن الخيانة في المرابحة لا تخرج العقد عن طبيعته: وهو كونه مرابحة؛ لأن المرابحة بيع بالثمن الأول، وزيادة ربح. وهذا المعنى متوفر بعد ظهور الخيانة، فيصبح بعض الثمن رأس مال، وبعضه ربحاً مما يوجب خللاً في الرضا، فيثبت الخيار، كما في الخيانة في صفة الثمن.
وأما التولية فالخيانة فيها تخرج عن كونه تولية؛ لأن التولية بيع بالثمن الأول من غير زيادة ولا نقصان. فإذا ظهر النقصان في الثمن الأول، وأثبتنا الخيار للمشتري، فإنا نخرج العقد عن كونه تولية ونجعله مرابحة، وهذا إنشاء عقد جديد لم يتراضيا عليه وهو لا يجوز فحططنا قدر الخيانة، وألزمنا العقد بالثمن الباقي.
وعليه: لو هلك المبيع في يد المشتري الثاني، أو استهلكه قبل رده، أو حدث به ما يمنع من الرد كعيب مثلاً، لزمه بجميع الثمن المسمى وسقط خياره.
وقال أبو يوسف: لا خيار للمشتري، ولكن يحط قدر الخيانة في المرابحة والتولية. وقدر الخيانة في المثال المذكور: هو درهم في التولية ودرهم في المرابحة وحصة من الربح: وهو جزء من عشرة أجزاء من درهم؛ لأن الثمن الأول أصل في بيع المرابحة والتولية؛ فإذا ظهرت الخيانة تبين أن تسمية قدر الخيانة لم تصح، فتلغو التسمية في قدر الخيانة، ويبقى العقد لازماً بالثمن الباقي.
وقال محمد: للمشتري الخيار في المرابحة والتولية: إن شاء أخذ المبيع بجميع الثمن، وإن شاء رده على البائع، ودليله: أن المشتري لم يرض بلزوم العقد إلا