للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دائمة، وإنما عصمته مؤقتة أثناء إقامته في دار الإسلام، فهو في الأصل حربي، ودخل دار الإسلام لحاجة عارضة، ثم يعود إلى وطنه الأصلي، فكان في عصمة دمه شبهة الإباحة بالعود إلى دار الحرب، فلا يقتص من قاتله عمداً، وإنما يعزر، لافتئاته على مصلحة الحاكم.

كذلك لا قصاص عند الجمهور بقتل الباغي (١) لعدم العصمة، واعتقاد أهل العدل (جماعة المسلمين في دار الإسلام) إباحة دمه. وتلك الإباحة عند غير الحنفية (٢) مقصورة على حالة الحرب الدائرة بين قومه البغاة وبين أهل العدل. ويرى الحنفية أن عدم عصمة البغاة مطلقة في أي حال بمجرد البغي (٣).

وأساس العصمة عند الحنفية (٤): هو الوجود في دار الإسلام، فيعد المسلم والذمي والمستأمن معصوم الدم بسبب وجوده في دار الإسلام. أما الحربي أو المسلم في دار الحرب، فليس معصوماً، ولا عقاب على قاتله، لكونه في دار الحرب.

وأما عند الجمهور غير الحنفية (٥): فأساس العصمة هو الإسلام أو الأمان. فيعدّ المسلم والذمي والمستأمن والمهادن معصوماً، إما بسبب الإسلام بالنسبة للمسلم ولو كان في دار الحرب، أو بسبب الأمان بالنسبة لغير المسلم المعاهد، فلا


(١) الباغي: هو أحد البغاة الخارجين على الإمام يبغون خلعه، وكان له منعة وشوكة، معتمدين على تأويل سائغ لنص شرعي.
(٢) الشرح الكبير للدردير: ٣٠٠/ ٤، المهذب: ٢٢٠/ ٢، مغني المحتاج: ١٢٥/ ٤، المغني: ١١٣/ ٨ وما بعدها. قال ابن قدامة: الصحيح أن الخوارج يباح قتلهم، فلا قصاص على قاتل أحد منهم ولا ضمان عليه في ماله.
(٣) البدائع: ٢٣٦/ ٧.
(٤) تكملة الفتح: ٢٥٥/ ٨، البدائع: ٢٥٢/ ٧، اللباب مع شرح الكتاب: ١٤٤/ ٣.
(٥) الشرح الكبير للدردير مع الدسوقي: ٢٣٩/ ٤، مغني المحتاج: ١٤/ ٤، المغني: ٦٤٨/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>