للنفقة من بلده، فيتعين منها، فإن ضاق ماله عن الحج من بلده بأن لم يخلف مالاً يفي به، أو كان عليه دين، أخذ للحج بحصته، وحج به من حيث يبلغ، لشبهه بالدين.
والخلاصة: إن المالكية والحنفية يجيزون الحج عن الميت إذا أوصى وتنفذ الوصية من ثلث المال، وأجاز الجمهور غير المالكية عن الحي العاجز لمرض ونحوه. وحج النائب يكون عند الحنفية والحنابلة من بلد المنوب عنه، وعند الشافعية من الميقات.
وتنفذ الوصية عند الشافعية والحنابلة من رأس المال، لا من الثلث فقط.
وحج النائب عن الميت يكون على الفور عند الجمهور، لقوله تعالى:{وأتموا الحج والعمرة لله}[البقرة:١٩٦/ ٢]{ولله على الناس حج البيت}[آل عمران:٩٧/ ٣] والأمر على الفور، وعند الشافعي: على التراخي، وللنائب تأخيره؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم أمّر أبا بكر على الحج وتخلف بالمدينة، لا محارباً ولا مشغولاً بشيء وتخلف أكثر الناس قادرين على الحج، فدل على أن وجوبه على التراخي.
أدلة المشروعية: استدل الفقهاء على مشروعية النيابة في الحج بحديث ابن عباس وغيره: «أن امرأة من خَثْعَم، قالت: يا رسول الله، إن أبي أدركته فريضة الله في الحج شيخاً كبيراً، لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره؟ قال: فحُجِّي عنه»(١) فدل على جواز الحج عن الوالد غير القادر على الحج، علماً بأن ذلك كان في حجة الوداع.
(١) رواه الجماعة (أحمد وأصحاب الكتب الستة) عن ابن عباس، وروى أحمد والترمذي وصححه مثله عن علي، ورواه أحمد، والنسائي بمعناه عن عبد الله بن الزبير بلفظ «جاء رجل من خثعم» يصف حال أبيه الكبير (نيل الأوطار:٢٨٥/ ٤ وما بعدها، سبل السلام: ١٨١/ ٢)