والوكيل بتقاضي الدين لا يملك أن يوكل غيره؛ لأن الناس يتفاوتون في التقاضي، فقد يتضايق المدين من تقاضي بعض الناس.
٣ - الوكيل بقبض الدين: اختلف أئمة الحنفية في أن الوكيل بقبض الدين، هل يملك الخصومة في إثبات الدين إذا أنكر المدين أو لا؟
فقال أبو حنيفة: يملك الخصومة في إثبات الدين، حتى لو أقيمت عليه البينة على استيفاء الموكل الدين من المدين أو إبرائه المدين عن الدين تقبل البينة. ودليله: أن التوكيل بقبض الدين توكيل بالمبادلة (أي أن يتملك المقبوض بمقابلة ما في ذمة المدين قاصاً) والحقوق في مبادلة المال بالمال تتعلق بالعاقد كما في البيع والإجارة، والوكيل هنا هو العاقد.
ولإيضاح كون قبض الدين يعتبر مبادلة قيل: إن الديون تقضى بأمثالها؛ لأن قبض نفس الدين غير متصور استيفاؤه، لأنه وصف ثابت في ذمة من عليه الدين، فكان استيفاء الدين عبارة عن نوع مبادلة، وهو مبادلة ما يأخذه عيناً بما في ذمة المدين، فأشبهت هذه العملية عملية البيع، وحقوق عقد البيع يمارسها العاقد نفسه، فإذا كان البيع قد تم بواسطة وكيل عن البائع، فإن الوكيل هو المسؤول أمام المشتري عن كل ما يتعلق بالتزامات العقد مثل تسليم المبيع وكونه خالياً من العيوب ونحوهما، كما أنه هو الذي يطالب بتسليم الثمن.
وقال الصاحبان: إن الوكيل بقبض الدين لا يكون وكيلاً بالخصومة؛ لأن القبض هو استيفاء عين الحق، فهو غير الخصومة، وليس كل من يؤتمن على المال يهتدي إلى وجه الخصومة، فلا يكون الرضا بالقبض رضا بالخصومة.
واتفق الحنفية على أن الوكيل بقبض العين كالكتاب مثلاً لا يملك الخصومة، لأنه أمين محض حيث لا مبادلة هنا، لكونه وكيلاً بقبض عين حق الموكل،